اليوم يقرر الشعب الامريكي من سيكون رئيسه لفترة الاربع سنوات القادمة. فهل سيجدد الثقة بالرئيس الحالي جورج دبليو بوش، ام سيفضل اختيار المرشح الديمقراطي جون كيري؟ ربما ليس عليّ ان اتسائل كثيرا، فقد تكون الاجابة على بعد ساعات قليلة فقط. الا انني اردت ان اخمن في تلك اللحظات الاخيرة بناء على ما يبدو لي انه المنطق..
فخلال ما يقارب العشرة اشهر من الدعاية الانتخابية توفرت للناخب الامريكي فرص وافرة للحكم على المرشح الافضل من خلال ادائه في تلك الحملات الدعائية.. ومن خلال تمحيص سيرته وما قدمه في الفترة التي كان يشغل فيها منصب عام، سواء الرئيس او عضو مجلس الشيوخ. وكانت هناك الكثير من المبادرات والبرامج السياسية التي عرضها المرشحان، والتي تبادلا خلالها الاتهامات حول صدق نيتهما، او حتى امكانيتهما على تنفيذها، وحللت تلك السياسات والمناهج تحليلا دقيقا، ليس فقط من قبل الفريقين المتخاصمين، وانما من طرف ثالث مكمل واساسي في اللعبة: وسائل الاعلام.
ان نظرة شاملة على مجمل العملية الانتخابية قد توصل المرء الى نتيجة ان الشعب الامريكي قد لا يكون مخيرا في الاختيار، بل ربما يكون مجبرا على هذا الاختيار في بعض الاحيان. والسبب هو الضغط الاعلامي الهائل على الفرد بما يجعله مستلب الارادة وخائر القوى امام هذا الكم الضخم من المعلومات عن المرشحين سواء الجيدة او غير الجيدة منها، والتي تحيره وتربكه وتجعله غير قادر على التركيز. وحتى برامج المرشحين تبدو متداخلة في بعض الاحيان ولا يفصل بينها الا خيط بسيط ربما يكون غير مفهوم للمواطن العادي.
الا ان الذي يحملني على الاعتقاد انني حزرت من سيتولى مهام الرئاسة للفترة التالية، حدوث امر غير اعتيادي، وان لم تركز عليه وسائل الاعلام. ذلك هو تصويت اسامة بن لادن في تلك الانتخابات، من خلال شريطه الموجه للشعب الامريكي. فعلي حين غرة، ظهر الرجل الذي يخشاه الامريكيون اكثر ما يخشون، هادئا ساكنا، غير مهدد ولا متوعد.. ليس من مظاهر مسلحة، وليس من استشهاد بالآي الحكيم، ولاذكر لجهاد ولا لغزو.. من يكون هذا الرجل؟ يتسائل المواطن العادي. تأتيه الاجابة: انه شيخ المجاهدين، اسامة بن لادن.. فيعجب المواطن الذي اطلع فيما مضى على اشرطة اكثر تهديدا، وعلى رجل اكثر صلابة. فيقفز الاستنتاج الى ذهنه مباشرة. اذن فالمطلوب ان لا اصوت لبوش، هذه هي رسالة غريمه.. فان خسر بوش، فان القاعدة وابن لادن سيفرحون اشد الفرح.. وطالما كنت مواطنا امريكيا، ويحزنني ان ارى مثل هؤلاء يشمتون، فلن ادعهم يفعلون. سأصوت لبوش.
طبعا، انا لا اتوقع ان يفوز بوش بنسبة التسعات، ولا حتى بنسبة تفوق الـ60%، ولكنني اتحدث عن فئة من الامريكيين، لا تلتزم بالحزبية، ولا بتحليل البرامج السياسية، ولا تتابع وسائل الاعلام كثيرا بحيث باتت تلك تقرر لهم تقريبا ما ينبغي فعله.. وهؤلاء في الحقيقة هم من يشكل الفارق الحاسم، والذي سيرجح بوش، غريم ابن لادن، على كيري.. الذي لا يعرفه ولا يستطيع ان يجاريه ويلاعبه كما فعل ويفعل جورج دبليو بوش.