tag:blogger.com,1999:blog-97218552024-02-07T05:35:08.055+03:00علاء غزالةــــ مهندس وكاتب صحفي من العراق ــــAlaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comBlogger77125tag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-89219142195737788592012-08-30T00:31:00.000+03:002013-09-20T01:38:48.731+03:00أفكار ومقترحات نحو إصلاح إداري شامل<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
يدور الحديث بين الفينة والأخرى عن ضرورة
إحداث إصلاح إداري جذري وشامل في دوائر الدولة العراقية. فقد أصبحت
السياقات الإدارية الروتينية عبءاً كبيراً على المواطن العادي الذي يضطر
إلى قضاء أيام وأسابيع في متابعة معاملات تـُعد بسيطة بالنسبة إلى الدول
الأخرى، سواء في محيطنا الإقليمي أو على المستوى العالمي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وعلى الرغم من اعتماد بعض الدوائر
الحكومية إجراءات معينة بهدف التقليل من زخم المراجعات واختصار الروتين،
إلا أن هذه الإجراءات سرعان ما تحولت إلى حلقة إضافية لهذا الروتين، وأضحت
خطوة زائدة في تمشية المعاملات، ومنها على سبيل المثال وحدات إدخال
المعلومات على الحاسوب. فبدلا من أن يتم الاعتماد على هذه الوحدات من خلال
قواعد البيانات الرصينة فهي استحالت مجرد إجراء روتيني ضمن المعاملة التي
تبقى نسختها الورقية هي الأصل الوحيد، ولا ينفع وجود نسخ إلكترونية في حالة
فقدانها لأي سبب. وهذا يعني أن إدخال المعلومات أو التحري عنها لا يشكل
سوى إضافة للروتين الإداري وليس تخفيفا عنه. فكم منا راجع دائرة ما وطلب
منه مراجعة قسم الحاسبة ليجد أن الحاسبة لا تعمل بسبب انقطاع التيار
الكهربائي أو بسبب عطل فني أو غياب المشغل أو غير ذلك، ما يؤدي إلى توقف
هذه المعاملة عند تلك المرحلة لحين تغير الوضع، في اليوم التالي أو الأسبوع
التالي. <br />
إن هذا الأمر وارد أيضا في كل من مفاصل تمشية المعاملة، ولذلك
فإن التذمر منه لن يكون سوى تذمر جزئي. بيد أن هناك إجراءات أخرى ذات
تأثير أشد على المُراجع، وتسبب الكثير من الضيق وضياع الوقت والجهد. ومنها
طلب صحة صدور بعض الوثائق الرسمية. ففي بداية التسعينات من القرن الماضي،
وفي إطار عرقلة معاملات إصدار جوازات السفر للمواطنين الذين ضاقت بهم السبل
وطمحوا في الهجرة إلى الخارج من أجل إيجاد عمل يعيلون به أنفسهم وعوائلهم،
أصدرت السلطات في ذلك الوقت تعليمات باستحصال كتب "صحة صدور" بعض الوثائق
المطلوبة لاستصدار جواز السفر. وكان أهم تلك الوثائق هو تأييد التسريح من
الخدمة العسكرية. فكان يصار إلى توجيه كتاب إلى الوحدة العسكرية التي ينتمي
إليها المواطن لتأييد تسريحه بالإضافة إلى كتاب من دائرة تجنيده. وكانت
هذه الكتب الرسمية ترسل مختومة بصحبة موظف مُعتمد من الجوازات، ويتم تسلم
الرد عن طريق موظف مُعتمد من قبل الدوائر المعنية. وقد كان واضحا أن هذه
الخطوة مجرد محاولة لعرقلة إصدار جواز السفر، حيث أن تأييد التسريح موجود
في دفتر الخدمة العسكرية للمراجع. <br />
أما اليوم فقد أصبح هذا الإجراء
قياسيا من قبل معظم الدوائر، ولشتى أنواع المعاملات. فأنت كمُراجع مطالب
بإثبات صحة صدور هوية الأحوال المدنية، وشهادة الجنسية، وشهادتك الدراسية،
ومعظم الكتب الرسمية التي تقدمها، وحتى إجازتك المرضية الصادرة عن مستشفى
حكومي. وهذا يعني أنك مُتهم بالأصل بتزوير تلك الأوراق حتى تُـثبت العكس.
والعجيب أن بعض الدوائر تعطيك كتبا موجهة إلى الدوائر الأخرى لتزويدها بكتب
صحة الصدور في "ظرف مغلق ومختوم". وحينما تطلع على تلك الكتب "المختومة"
تدرك أن تزويرها أسهل حتى من تزوير الكتب الأصلية. فما الداعي إذاً لهذا
الإجراء؟ <br />
ولست أدعي أن جميع المراجعين يقدمون أوراقا صحيحة مئة بالمئة،
لكن أليس هناك قانون للتعامل مع الأوراق المزورة؟ أليس من الأفضل التحري
عن بعض تلك الأوراق بين الحين والحين، فإن تبين وجود تزوير يصار إلى إحالة
هذا الشخص السيئ إلى المحاكمة بتهمة التزوير في أوراق رسمية؟ علما أن هذه
هي جريمة مخلة بالشرف في القانون العراقي. <br />
وحتى على فرض أن عدد
المزورين قد أصبح كبيرا إلى درجة يصعب معها تشخيص كل حالة على حدة، فليس
من الضروري اتباع هذا الإجراء مع الكل، أو على الفور. فيمكن مثلا قبول
الأوراق التي يقدمها المُراجع وتمشية المعاملة الرسمية مع إرسال كتب التحري
عن تلك الأوراق بالبريد الرسمي. فمن النادر أن تكون هناك معاملة لمواطن
تحمل فائدة فورية وغير قابلة للاسترداد في مرحلة لاحقة. وحتى في هذه
الحالة، فإن ضياع بعض الحقوق للدولة سيكون أمرا يسيرا مقارنة مع تسهيل
معاملات الآلاف من المُراجعين، وتقليل زخم الدوائر، وبالتالي الحاجة إلى
المزيد من الموظفين، وهي بالتأكيد خسارة كبيرة لحقوق الدولة من خلال
الرواتب التي تمنح لهؤلاء الموظفين والأموال التي تنفق في إدامة الدوائر
الرسمية التي تعاني ضغطاً كبيراً من المراجعين.<br />
ومن الأمور الأخرى التي
صارت أمرا مفروغا منه في أية معاملة قضية استنساخ الوثائق الرسمية. فقد
أصبح فرضا مفروضا أن تقدم نسخة ملونة لهوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية
وبطاقة السكن والبطاقة التموينية مع كل معاملة مهما كانت بسيطة. وهذا
الإجراء هو الآخر من مخلفات النظام السابق الذي كان يعتمد سياسة عرقلة
مراجعة الدوائر الرسمية وإرهاق كاهل الناس بالمزيد من المصاريف والجهد ضمن
خطة أشمل تهدف إلى جعل حياة المواطنين أكثر صعوبة، في فترة الحصار
الاقتصادي، وبالتالي المتاجرة بهذه المعاناة مع الدول التي فرضت تلك
المقاطعة الاقتصادية.<br />
وفي واقع الأمر لا أجد سبباً في طلب هذه النسخ
المصورة عدا ما ذكرنا. ففي سابق الزمان كانت الدوائر تعد نموذجا يملؤه
المراجع تدرج فيه أرقام تلك الوثائق، ومن ثم يقوم الموظف المختص بمطابقة
هذه الأرقام وتأكيد صحتها بنفسه ثم يعيدها إلى المراجع. أما اليوم فأنت
تقدم الوثائق المصورة التي نادرا ما يراها احد أو يطابقها مع الأصلية، وهي
ترمى إلى الأرض حال خروجك من الدائرة الرسمية. وإن اضطررت إلى العودة
والمراجعة من جديد بعد فترة فإن عليك أن تقوم بتقديم النسخ المصورة من
جديد، لأن من المستحيل العثور على المعاملة السابقة. فما الفائدة إذاً من
طلب هذه الوثائق؟ ربما يكون العذر الوحيد هو أن يقوم الموظف المسؤول بحماية
نفسه من خلال طلب نسخ مصورة عن جميع الوثائق المطلوبة لتمشية المعاملة.
ففي حالة تدقيق المعاملة من قبل الجهات الرقابية، فإن موقف ذلك الموظف سوف
يكون سليما، بوجود تلك النسخ التي تثبت أن المراجع قدم الوثائق المطلوبة.<br />
وهكذا
فإن زيادة الحلقات الإدارية وتضخيم إجراءات المعاملات بهدف حماية
الموظفين، واستمرارا لسياسات موروثة عن النظام السابق، قد أدت إلى جعل
مراجعات المواطنين أمرا في غاية الصعوبة، وأضحت الدوائر الرسمية مكتظة
بالمواطنين الذين لا يجدون في الغالب مكانا للجلوس والانتظار، بينما يطلب
منهم المراجعة من الشبابيك التي ربما رُكبت عليها أجهزة التكييف، ما يجعل
الوقوف هناك في أيام الصيف القائظ مرهقا إلى أبعد الحدود. <br />
وفي هذه
المناسبة أود أن أعرض الطريقة التي تتم فيها مراجعة الدوائر الرسمية في
الدول الغربية. فالعملية تبدأ من حجز رقم للمراجعة لدى الدخول إلى تلك
الدائرة، حيث يقوم حاسوب بحساب الوقت التخميني للانتظار، ساعة أو أكثر أو
أقل، ويمكنك الخروج والعودة قبل وقت قصير من حلول الموعد، أو الجلوس في
الصالة الخاصة بالمراجعين التي تكون واسعة ومكيفة ومريحة. وحين يصل الدور
إليك يظهر رقم المراجعة على شاشات إلكترونية وتتم المناداة عليه بمكبرات
الصوت فتعرف أنه قد حان دورك. وما عليك سوى أن تملأ نموذجا يحمل المعلومات
المطلوبة أثناء فترة الانتظار وتقدمها إلى الموظف المسؤول عند حلول دورك،
حيث يقوم هذا الموظف بتدقيق تلك المعلومات وربما يطلب منك تقديم الوثائق
الأصلية التي يقوم بتدقيقها أصوليا ثم يعيدها إليك. وخلال دقائق بسيطة تنجز
المعاملة مهما تكن. ففي تلك البلدان هناك احترام لوقت المواطن واهتمام
براحته بنفس القدر الذي تحصّن الموظف من عمليات التزوير عن طريق ربط
الدوائر الرسمية على اختلافها بشبكات الحواسيب المرتبطة بقواعد البيانات
التي يمكن من خلالها التأكد من صحة الأوراق الرسمية.<br />
وبغية اتباع مثل
هذا النظام، يجدر بدوائرنا الرسمية المبادرة إلى حوسبة أنظمتها الإدارية
بشكل جدي وليس مجرد إجراء روتيني آخر. فيمكن مثلا وضع نظام قواعد بيانات
لكل المواطنين تدرج فيه هويات الأحوال المدنية وشهادات الجنسية وجوازات
السفر وإجازات السوق وغير ذلك من الوثائق بحيث يمكن الولوج لهذا النظام من
خلال شبكة حواسيب محصنة وعن طريق موظفين مدربين ومؤهلين لمثل هذا الإجراء.
وهكذا لن تكون هناك حاجة لتقديم نسخ مصورة للوثائق أو التأكد من صحة
صدورها، لأنها موجودة أصلا في قواعد البيانات تلك. وعلى الرغم من أن تطبيق
هذه الخطة قد يستغرق وقتا، إلا أنه ليس بالصعوبة التي ربما يبدو عليها.
فالكثير من الوثائق الرسمية الجديدة، مثل إجازة السوق، موجودة أصلا في
قواعد للبيانات. ولن يكون علينا سوى ربط قواعد البيانات هذه مع بعضها وبناء
نظام حاسوبي محكم يعمل على الإفادة منها، وصولا إلى نظام متكامل يسهل
العملية الإدارية، ويقلل الضغط على الدوائر الرسمية، ويجعل حياة الناس
أفضل.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-1717771427776314722012-08-04T00:00:00.000+03:002013-09-20T01:38:59.504+03:00ثقافة الفيسبوك ودورها في انحدار المستوى الثقافي<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أتاح
الفضاء الألكتروني الواسع حرية مطلقة تقريبا لكل فرد في أي مجتمع أن يصبح
كاتبا ومعلما ومثقِفا (بكسر القاف) لجمهور غير محدود نظريا، يتألف في معظم
الأحوال من (معجبين) وأصدقاء أو أصدقاء لأصدقاء وهكذا. هذه الحرية في النشر</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
التي باتت حقا غير مُنازع حوّلت بعض
الناشرين إلى قدوات يحتذى بها دون المرور بالمراحل التقليدية من دراسة
وإشراف وتمحيص وفحص وتدقيق من قبل ذوي الاختصاص قبل إرسال المادة إلى
النشر.<br />
في ماضي الأيام كان يتوجب على الكاتب أن يعرض المادة الثقافية
التي ينوي نشرها على محرر ومصحح لغوي قبل أن تجد طريقها إلى النشر حرصا على
الذوق العام، وتأكيدا على رفع المستوى الثقافي بين جمهور المتلقين. أما
اليوم فقد أصبح من السهل أن يقوم شخص نصف متعلم بكتابة (مقال) دون مراعاة
لأبسط قواعد الكتابة، مستعملا لغة ركيكة تمتلئ بالألفاظ الدارجة غير
الفصيحة، ويضمنها أفكارا قد تكون مجرد مقتبسات محرفة تارة غير منسوبة وطورا
منسوبة لغير قائلها. والأنكى من ذلك الأسلوب الظاهري في الكتابة بالألوان
واستخدام أدوات الخط العريض والمائل وغيرها، وتكبير حجم الخط في بعض
الأحيان، حتى يصبح الشكل العام مشوها وغير متسق بالمرة مع واحدة من أساسيات
الكتابة: جمال المظهر الخارجي.<br />
وقد ساعد الفيسبوك على شيوع مثل هذه
الأساليب المتدنية ثقافيا بين جيل الشباب بالأخص، وأقنعت الكثيرين أن هذا
هو كل ما يتطلبه الأمر للوصول إلى عقول الجمهور المستهدف وبالتأكيد قلوبهم.
وبما أن مقياس نجاح مثل هذا الكاتب لا يتعدى عدد مرات الإعجاب (لايك) التي
يحصل عليها، فليس عليه أن يكون كاتبا محنكا أو أن يحتوي مقاله على مادة
جيدة، بل يكفي أن يضع صورة مرفقة بمقاله العتيد، ويطلب إبداء الإعجاب إما
مباشرة أو احتيالا، بان يطلب من المستخدم ضغط توليفة من الأحرف في لوح
الكتابة بالحاسوب تؤدي في النهاية إلى ترك بصمتك الدالة على الموافقة وإن
لم تكن تريد ذلك فعلا.<br />
يضاف إلى كل هذا إمكانية إعادة النشر من قبل
الأصدقاء أو من تصل إليه المادة المنشورة باستخدام أداة المشاركة (شير)،
وهي وسيلة تأثير أخرى لا تعتمد على جودة المادة المنشورة بالضرورة. كما أن
تطبيق الفيسبوك يقوم بإعادة نشر المادة أو الصورة إذا فتحها مستخدم ما بغرض
الاطلاع عليها، ووضع إشارة عليها (تاغ)، ما يؤدي إلى المزيد من النشر
غير المقصود أو الموجه من الأساس.<br />
وهكذا تجد نفسك وأنت تتصفح الفيسبوك
وسط خضم من أمواج غير متجانسة ولا متسقة مع سياق محدد. بعضها مقولات نسبت
إلى غير قائليها، أو حتى إلى من لا يتوقع أن يتفوه بها، للدلالة على فكرة
يقصدها الناشر دون مراعاة لأبسط شروط الأمانة العلمية والأدبية. وربما
تصعقك صورة مركبة باستخدام تطبيقات معالجة الصور يراد منها إثبات نظرية
دينية، أو عقيدة ما. وقد يعمد احدهم إلى إغراق الصفحة بالعشرات من مواده
التي يعتبرها مهمة، وان لم تكن ذات قيمة في واقع الحال، ما يحرمك من مواد
سابقة قد تكون أفضل منها.<br />
وقد لاحظت من خلال استخدامي الفيسبوك فترة غير
قليلة أن الكثير من الكتاب الملتزمين إما رفضوه بداية، أو هجروه آخر
الأمر. وأجد هذا الأمر مفهوما؛ فأنت لا تريد أن تعقد ندوة ثقافية في سوق
(الهرج)، ولا أن تنشر مقالا في لوحة إعلانات. علاوة على ذلك فإن حيز
التعليقات غير المنضبط قد يجلب لك الكثير من الصداع رغم الفائدة الجمة
المتحصلة من الحوار والتبادل الفكري بمثل هذه الأدوات. <br />
ولم يكن
الفيسبوك هو التطبيق الأول الذي يعاني مثل هذه الآفات. فقد سبقته إلى ذلك
المجموعات البريدية التي تستخدم جمهورا من عناونين ألكترونية مشتراة أو
مسلوبة لإقحام مواد بعينها على متلقين ليس بيدهم حيلة غير محو المادة أو
وضعها في سلة المتطفلين. وربما كان السلف الأكثر قربا والذي لا يزال معمولا
به هو ما يعرف بالمدونات (بلوغز)، والتي هي في الواقع صفحات شخصية لأفراد
قد يكونون من الكتاب المُجيدين، أو مجرد مهرجين ساعين إلى اجتذاب الجمهور
بأية طريقة تتاح لهم.<br />
غير أن أدوات الفيسبوك، وانتشار استخدامه على نطاق
واسع بين الشباب، جعلته الأخطر على المستوى الثقافي بشكل عام، والذي أزعم
انه في انحدار متزايد منذ بداية عصر التبادل المعلوماتي الفوري، الذي يحلو
لنا أن نطلق عليه اسم الانترنت. وبفضل الفيسبوك، فان هذا التدني في مجالات
الثقافة والعلوم والآداب قد أصبح واقعا يتأكد يوما بعد يوم.<br />
وعلى الرغم
من كل ما تقدم، إلا أنني لا أدعو إلى مقاطعة الفيسبوك، أو محاربته، أو منعه
بأي شكل من الأشكال. فإيماني بالحرية الفكرية يمنعني من طلب وضع رقابة على
أية وسيلة إعلامية مهما تكن. لكنني أدعو إلى نوع من التثقيف ونشر الوعي
حول مخاطر الفيسبوك على المستوى الثقافي العام، وطرائق تجنب الوقوع في
مطبات ما يبدو لغير العين الفاحصة حقائق لا يدانيها شك. يمكن أن تبدأ حملة
التوعية هذه في المدرسة، والبيت، قبل أن تتحول إلى حملة يرفع لواءها الشباب
أنفسهم. هؤلاء الشباب ربما رغبوا في أن يحوزوا قدرا كبيرا من الثقافة
الرصينة، لكنهم إنما يجهلون كيف يحصلون عليها. وعلى المربين أن ينهضوا بهذا
الأمر، كما نهضوا به في كل عصر، وواجهوا كل تحدٍ بصبر وجلد، حتى آلت
إبداعات الأولين ألينا. وعلينا أن نحافظ على تلك الدرر وعلى الذوق السليم
الذي بدونه لن يصبح لإرثنا الثقافي العظيم من معنى.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-78872406225245202002012-07-28T02:45:00.000+03:002013-09-20T01:26:15.894+03:00العراق في صدارة الدول الأكثر فشلاً .. المشاكل والحلول<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أصدرت مجلة السياسة
الخارجية (فورن بولسي)، وهي أحد إصدارات جريدة الواشنطن بوست المستقلة،
تصنيفها لأكثر الدول فشلا في العام الماضي (2011). وقد ورد اسم العراق في
المرتبة التاسعة، بعد الصومال وتشاد والسودان والكونغو وهاييتي وزمبابوي
وأفغانستان وجمهورية إفريقيا الوسطى.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقد وضع معدّو الدراسة تصنيفهم اعتمادا
على اثني عشر مؤشرا هي: الضغوط الديموغرافية، قضايا النازحين، التذمر
الجماعي، الهجرة، التنمية غير المتوازنة، الانحدار الاقتصادي، نزع الشرعية
عن الدولة، الخدمات العامة، حقوق الإنسان، الحالة الأمنية، النزاع الطائفي،
والتفاعل الدولي.<br />
وللمقارنة، فإن باكستان جاءت في المرتبة الثانية عشرة
تليها اليمن، بينما حلت كوريا الشمالية في المرتبة الثانية والعشرين. أما
مصر فقد احتلت المرتبة الخامسة والثلاثين، جاءت بعدها بعشر مراتب إيران،
بينما قبعت سوريا، رغم استمرار حالة الثورة فيها معظم العام الماضي، في
المرتبة الثامنة والأربعين.<br />
ولابد من الإشارة إلى أن العراق حقق تقدما
مضطردا، وان لم يكن كبيرا طوال، الأعوام الأربعة السابقة لهذا التقرير. فقد
كان تصنيفه خامسا في عام 2008، ثم حلّ سادسا في عام 2009، فسابعا عام
2010، ليصبح تاسعا عام 2011. ويعود الفضل في هذا التقدم إلى حصول تحسن في
الوضع الأمني، وانخفاض نسبة الهجرة، والانخراط في المجتمع الدولي، وتخفيف
الضغوط الديموغرافية، وتراجع وتيرة التذمر العام. وفي المقابل، فان هناك
تراجعا في قضايا مثل التمنية، وتوفير الخدمات العامة، بينما بقيت معظم
القضايا الأخرى في حال مراوحة خلال هذه السنوات الأربع.<br />
لاشك في أن
العراق قد مرّ بظروف غير اعتيادية منذ ثمانينات القرن الماضي، من حروب
وانتفاضات وقمع وحصار، وصولا إلى الغزو الأميركي عام 2003، الذي كان مصدرا
للكثير من عوامل الفشل ضمن الدولة العراقية بسبب قصور عقلية المحتل عن فهم
طبيعة تنظيم هذه الدولة، ولاعتماده على ثلة من "المستشارين" غير الخبيرين
في الشأن العراقي، وإن كان بعضهم من أصل عراقي، إلا أن جلّ ما قدموه كان
لمصلحة شخوصهم، أو أحزابهم، أو لطائفتهم، وندر أن فكروا في تقديم المصلحة
الوطنية العليا. هذا المبدأ الذي بتنا نطلق عليه "المحاصصة" كان من اشد
الأمور التي جاءت مع الاحتلال، ولكنها ترسخت في ظله ولم ترحل مع جلائه.<br />
بيد
أن نظرة على قائمة الدول التي أوردنا بعضها تشعرنا بالأسى لتقدم بلدنا
عليها، مثل اليمن التي أمضت عاما مليئا بالفوضى السياسية والأمنية قبل أن
تنتقل إلى نوع من الحكم التوافقي، وما رافق هذه الاحداث من سيطرة تنظيم
القاعدة على مناطق واسعة من البلاد، ومن المعروف أن هذا التنظيم يتبنى نهجا
فوضويا في إدارة المناطق التابعة له، الأمر الذي يفسر تقدم أفغانستان
والصومال على رأس تصنيف أكثر الدول فشلا. ومن الملاحظ أن جميع الدول التي
تقدمت العراق هي من الدول الأقل قدرة من الناحية الاقتصادية، كما أنها ليست
بذات إمكانات بشرية وفكرية كبيرة، على خلاف العراق. يضاف إلى ذلك إن معظم
هذه الدول يمر بظروف أمنية خطرة للغاية أو تخضع لأنظمة فاشية تنتمي إلى
حقبة عفا عليها الزمن، في الوقت الذي تمضي الأمم قدما في تواصلها عبر وسائل
الاتصال الحديثة. وربما كان كل هذا مبررا كافيا لتصنيفها على رأس القائمة.
أما العراق، فعلى الرغم من كل المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية التي
مازال يعانيها، فهو يتمتع بقدرات ثقافية واجتماعية واقتصادية كان من
الأحرى أن تمنعه من تبوُّء مركز متقدم في تصنيف الدول الأكثر فشلا. ألا ترى
أن دولة مثل كوريا الشمالية، قد استطاعت أن تتخطى المراكز العشرين
الأولى، على الرغم من العزلة الدولية التي تخضع لها، وانهيار اقتصادها،
ونظام حكمها الشمولي الذي لابد انه يقتل الروح الإبداعية لدى شعبها.<br />
من
الممكن أن نضع قائمة طويلة بالأسباب التي أدت إلى أن يحتل العراق مركزه
الحالي في قائمة الدول الأكثر فشلا. وربما تضمنت هذه القائمة أمورا مثل
النزاعات السياسية المستمرة التي تعوق عمل الدولة، وسوء إدارة الموارد
المادية والبشرية، وانتشار الفساد على نحو غير مسبوق في هذه البلاد. كما أن
أداء السلطة التشريعية ليس بالمستوى المطلوب كنتيجة للتطاحن السياسي،
بينما تخضع الكثير من القنوات القانونية إلى ضغوطات سياسية تحد من دورها
المرجو في عملية بناء دولة القانون.<br />
لكني أعتقد أن أكبر مشاكل البلاد
إنما تأتي من ضعف المفاصل الإدارية للدولة بكافة مستوياتها، التي تصبح أكثر
سوءا مع النزول إلى المستويات الأدنى في الهرم الإداري. إن طبيعة بناء
الدولة الإداري الحالي قد جعل من الصعب على المشاريع التنموية أن تنجز خلال
أوقات معقولة، إن كان لها أن تنجز على الإطلاق. وأدت النظم الإدارية
المعقدة إلى إيجاد بيئة غير جاذبة للاستثمار الأجنبي، وثبّطت من قدرات
الاستثمار المحلي. فعلى الرغم من تضاعف أعداد الموظفين الإداريين والفنيين
خلال السنوات الأخيرة إلا أن الملاحظ أن الأداء قد انخفض بشكل عام عما كان
عليه قبل عشرة أعوام مثلا، وهذا ليس من باب المقارنة مع نظام الحكم السابق.
فعلى الأرجح إن الكثير من الروتين الإداري الذي بات لا غنى عنه اليوم قد
ترسخ تحت ظل النظام السابق، ولكن يبدو أن ما من قدرة سياسية أو تشريعية على
تجاوز هذا الروتين عن طريق إعادة النظر في النظم واللوائح والتعليمات
والقوانين المرتجلة التي صدرت عن أركان النظام السابق وكان المقصود منها
وضع المزيد من العوائق أمام الشعب وجعل حياته أصعب ضمن نهج سياسي موجه لمنع
الأفراد والجماعات من الانتفاضة والثورة على هذا النظام. <br />
وإذا أردنا
أن نحدث تغييرا حقيقيا في نظام الدولة الإداري الحالي فعلينا أن نبدأ
بالقاعدة الإدارية: الموظف الأول المسؤول عن تمشية معاملات الأفراد
والشركات وما إلى ذلك. يجب أن ننظر في كيفية جعل هذا الموظف مسؤولاً بشكل
حقيقي، وليس عن طريق المعاملات الورقية الكثيرة التي تهدف إلى إزاحة
المسؤولية عنه في واقع الأمر. ثم يتدرج الأمر صعودا مع مدراء أكفاء قادرين
على اتخاذ قرارات دون التخوف من الملاحقة القانونية، إلى هيئات إدارية ذات
بُعد تنظيري يسمح لها بوضع مشاريع القوانين المناسبة لحماية المستويات
المختلفة من الهيكل الإداري، أو إلغاء لوائح موروثة غير ذات قيمة في الوقت
الحالي إن لم تكن عبءاً على الواقع الإداري للدولة. <br />
وغني عن الذكر أن
القدرة الاقتصادية لأي بلد لم تكن يوما ولن تكون أهم عوامل نجاحه. بل على
العكس من ذلك، قد تكون سببا لفشله إن لم تتم إدارة الموارد بالشكل الصحيح.
فأقل أقطار العالم غنى بالثروة الطبيعية، مثل اليابان، لم تمنعها من تصدر
قائمة الدول الصناعية المتطورة. <br />
أدرك أن هذا التغيير سوف يكون صعبا
ويقتضي الكثير من العمل الشاق، تشريعيا وسياسيا، قبل أن يمكن بدء العمل
الإداري ذاته. لكن علينا أن نبدأ من نقطة إذا ما أردنا أن ندرأ عن أنفسنا
تهمة الدولة الفاشلة، وكلما تأخرنا في الانطلاق في تلك البداية أصبح
التغيير أصعب. وعلينا ألا ننسى أن تحسين أداء الدولة إداريا سوف ينعكس أولا
وأخيرا على المواطن، الذي يفترض أن يصب كل ما يفعله النظام في مصلحته.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-76344817996614772672012-06-04T07:52:00.001+03:002013-09-20T01:26:24.048+03:00الإرهاب فـي سوريا صناعة حكومية<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
حادثان وقعا في سوريا استحوذا على اهتمام
وسائل الإعلام العالمية والعربية في الأيام الماضية. الأول اختطاف مجموعة
من الزوار اللبنانيين في سوريا، والثاني ما اصطلح على تسميته بمجزرة
الحولة. وكلا الحادثين وقعا بينما تقوم بعثة الأمم المتحدة بمزاولة
أعمالها الرقابية ومحاولة إيجاد مخرج للازمة السورية الدموية التي تجاوزت
العام ببضعة أشهر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وفي الوقت الذي اتهمت السلطة السورية قوات "الجيش السوري الحر"
والقاعدة بالقيام بهذه الأعمال الإرهابية، فان قوات المعارضة تنكر بشدة
أنها يمكن أن تقوم بمثل هذه الأعمال الوحشية، وبدورها توجه الاتهام إلى
القوات الحكومية بارتكاب هذه الجرائم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إن محاولة معرفة الحقيقة تكاد
تكون مستحيلة عمليا بسبب طبيعة العمليات العسكرية التي تجري في المنطقة،
ولعجز المراقبين الدوليين عن القيام بتحقيق جنائي متخصص خارج التأثيرات
السياسية من الأطراف المحلية والإقليمية والأممية، وهم الطرف الوحيد الذي
قد تكون له مصداقية مقبولة بما يكفي لإجراء بمثل هذا التحقيق.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بيد أننا يمكن أن نحلل تلك الاحداث من منظور سياسي، لا تقني.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
فالقيام
بأي عملية ضد أية جهة يستوجب توفر ثلاثة عناصر: الجهة المنفذة، والجهة
المستهدفة، والمكاسب المقصودة. وحتى العمليات العشوائية التي تقوم بها
منظمة القاعدة، كما شهدناه في العراق وباقي دول المنطقة والعالم، لا تخرج
عن تلك الثوابت. فهي تسعى إلى الاعتراف بأغلب العمليات التي تقوم بها من
خلال اتصال مع وكالة أنباء أو محطة تلفاز أو عن طريق الشبكة العالمية
الانترنت. كما أن معظم العمليات التي تقوم بها تكون موجهة ضد قوات أمنية أو
طائفة أو فئة معينة، متجنبة قدر الإمكان أن تصيب المناطق التي تدين لها
بالولاء تحسبا لنقمتها عليها. أما أهداف القاعدة فإنها متنوعة، من محاربة
الكفار إلى مقارعة الاحتلال ومقاومة الاستبداد وصولا إلى تحرير المناطق
المقدسة. لكن لكل عملية هدف محدد ضمن مرحلته وفترته التاريخية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وبإلقاء
نظرة على الحدثين اللذين أوردناهما في سوريا، والأحداث المصنفة إرهابيا
التي وقعت قبلها، فإننا نجد أن من غير الراجح أن يكون من تنفيذ القاعدة أو
عناصر مرتبطة بها، رغم وجود مؤشرات على ممارسات أصبحت تقليديا من اختصاصات
القاعدة، مثل الذبح والاختطاف والعمليات الانتحارية. فوجود القاعدة في
سوريا كان برعاية وسيطرة من قبل النظام السوري، وهو نظام بوليسي يمتلك سلطة
كاملة على كل ما يجري داخل البلاد. ونحن نعلم من الأدلة الكثيرة التي
حصلنا عليها في العراق أن معظم منفذي العمليات الانتحارية هنا قد مرّوا من
سوريا ومكثوا فيها وسهّل لهم زبانية النظام دخول العراق مع الأسلحة
والأعتدة المطلوبة لتنفيذ تلك العلميات الإرهابية. ومن غير المعقول أن ترعى
مخابرات النظام السوري تنظيما خطرا مثل القاعدة على أراضيها ثم تفقد
السيطرة عليه بين ليلة وضحاها. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أما الجهة المستهدفة، فالأمر جلي بما
يخص مجزرة الحولة، إحدى مناطق حمص، وهو شعب هذه المدينة الثائرة ضد النظام.
أي أن من الطبيعي أن تذهب أصابع الاتهام إلى قوات النظام السوري لا إلى
معارضتها. وإن كانت القاعدة هي المتهمة في هذه الاحداث، فهذا يثبت أنها
مرتبطة بالسلطة لا بالمعارضة، إذ من غير المعقول أن تقوم قوات المعارضة
بإرهاب المناطق المؤيدة لها فقط لإحراج النظام. ومن المعلوم أن مثل هذه
الحوادث الرهيبة قد تجبر الناس على التزام منازلهم والتخلي عن دعم المعارضة
خوفا من الانتقام الوحشي الذي قد يتعرضون له نتيجة لهذا الدعم. وهذا
يقودنا إلى الركن الثالث للعمليات الإرهابية وهو المكسب المتوقع. وفي حالة
المجزرة ليس هناك مكسب على الإطلاق للمعارضة، بل كما أسلفنا قد تؤدي إلى
نكسة تهدد استمرار الانتفاضة السورية. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
والأمر أقل وضوحا في ما يخص
عملية اختطاف الزوار اللبنانيين، لكن السياقات السابقة تجري على نفس
المنوال. فالمعارضة لا يمكن أن تسعى لاستهداف الرعايا اللبنانيين، حتى وإن
كانوا من عناصر حزب الله الداعم للنظام السوري، خشية توسيع الصراع وإدخال
المزيد من الأطراف فيه، في أقل تقدير. كما أن من الصعب تصور أن يتم اختطاف
أجانب في سوريا بهذه السهولة، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن عملية الاختطاف
حدثت في مناطق لا تعد ساخنة وتتمتع بتواجد أمني نظامي مكثف.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومن الناحية
الأخرى فإن النظام السوري، الذي بات تحت ضغط دولي وإقليمي شديد، له مصلحة
في كل هذه الاحداث. فالرئيس بشار الأسد الذي يتزعم هذا النظام، يريد أن
يبين للعالم أن بلاده قد أصبحت ضحية للجماعات المسلحة المتطرفة، التي تعمل
مع وبإشراف من القاعدة. وهو يريد أن يقول للعالم إنه يحارب الإرهاب، وإن
السعي إلى الإطاحة به يعني أن سوريا ستكون مثل أفغانسان واليمن والعراق
وباكستان، فسيستفحل الإرهاب بحصوله على قلعة جديدة بعد أن تمكن من تحصين
قواعده في المناطق المذكورة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بالإضافة إلى هذا فإن النظام السوري عوّدنا
على مثل هذه الاحداث المفتعلة بين الفينة والأخرى، من السيارات المفخخة
والعمليات الانتحارية التي عادة ما تتزامن مع وصول وفود المراقبين العرب
والدوليين. ولم تعلن المعارضة السورية عن مسؤوليتها عن أي من هذه العمليات،
وهو ما يدعو إلى التساؤل: لو كانت المعارضة لماذا لا تقرّ بها؟ وما الغاية
من ورائها؟ وفي هذه العمليات أننا نجد بعض العناصر في العمليات الإرهابية
التقليدية، لكننا لا نجدها مجتمعة. وإذا لم نستطع أن نشخص كل العناصر في
عملية مصنفة على أنها إرهابية، فهي على الأرجح ليست كذلك، وإنما هي مؤامرة
من سلطة غاشمة باتت لا تتورع عن استخدام كل ما أتيح لها من اجل البقاء في
الحكم أطول فترة ممكنة.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-66405253592232007862012-04-11T22:32:00.000+03:002013-09-20T01:26:32.701+03:00حكومة وحدة أم حكومة تقسيم؟<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
تكررت في الآونة الأخيرة التصريحات التي يطلقها زعماء وساسة عراقيون حول اتجاه حكومة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي إلى التفرد بالسلطة، ومنها تصريحات السيد مسعود بارازاني رئيس إقليم كردستان، والتي اعتبرها البعض تهديدا ضمنيا بالانفصال عن العراق إذا ما استمرت الحكومة بنهجها الحالي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
والواقع أن هناك على الأرض مصاديق كثيرة تشير إلى الاستئثار بالسلطة من قبل رئيس الوزراء، منها المماطلة والتسويف في عقد المؤتمر الوطني الذي يرتجى منه حل الأزمة السياسية الحادة التي تمر بها البلاد. إذ لا يمكن أن يكون عمر الأزمة الحالي قد تجاوز الأربعة أشهر دون أن يجري تحريك ساكن في اتجاه تقريب وجهات النظر، إن لم يكن في اتجاه إيجاد حلول ناجعة للمشاكل التي باتت مستعصية. وهنا يكمن دور الحكومة في تحريك العملية السياسية بحكم توليها مقاليد السلطة التنفيذية التي تمتلك حرية الحركة والتواصل، بعكس فروع السلطة الأخرى التي تفتقر إلى الأدوات اللازمة لتوفير الأجواء والظروف المناسبة لجمع أطراف العملية السياسية حول طاولة المفاوضات بغية الوصول إلى اتفاقات تخرج البلاد من ظلمة المناحرات السياسية. إن هذا الشلل شبه الكامل في التعامل مع الأزمة السياسة لابد أن يستحيل في آخر الأمر إلى أزمات أمنية واقتصادية واجتماعية تؤثر أولاً وأخيراً على مجمل الشعب العراقي، بغض النظر عن انتماءاتهم ومشاربهم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على أن نهج حكومة المالكي كان منذ بداية تشكيلها يقوم على الحفاظ على الوضع المتأزم وإدامته بدلا من إيجاد الوسائل لتهدئته. فبعد مرور عامين على تشكيل الحكومة لا تزال الوزارات الأمنية بيد السيد المالكي رغم تصاعد الاستنكار المستمر، على صعيد الأطراف المشاركة في العملية السياسة وكذلك على الصعيد الشعبي. وإذا كنا نسمع في الأشهر الأولى تبريريات حول عدم قبول مرشحي الأحزاب المشاركة في السلطة لهذه الوزارات على اعتبار أنها استحقاقات لها استنادا إلى اتفاقية أربيل، فقد أصبح من النادر اليوم أن يدلي احد من المقربين لرئيس الوزراء أو حزبه الحاكم بتصريح يوضح فيه سبب تمسك المالكي بهذه الوزارات خلافا للاتفاقات التي أفضت إلى تعيينه رئيسا للوزراء.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ويبدو أن هذا النهج المنسق من التسويف والمماطلة وعدم الاكتراث للشركاء الآخرين، فضلا عن الإعراض عن الرأي العام الشعبي وما يتم عرضه عبر وسائل الإعلام المختلفة من أعمدة وكتابات ومقالات رأي مختلفة، قد أدى إلى حالة من خيبة الأمل بين الأوساط الشعبية والنخبوية على السواء، وهو ما يصب في مصلحة السيد المالكي الذي يسعى إلى إسكات أصوات المعارضة بأي طريقة، ولو بطريقة صم الأذان عن سماعها، ولسان حاله يقول: "قولوا ما شئتم، فإني ماض في ما أنا عازم عليه."</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من ناحية أخرى، فإن استمرار الأزمات السياسية قد أدى في الكثير من الأحيان إلى صرف النظر عن الفشل الذريع للحكومة في تحقيق أدنى متطلبات الحياة الكريمة للمواطن العراقي، من توفير الخدمات الأساسية إلى إدارة عملية الأعمال المتعثرة، وليس أقلها حل مشاكل الخدمات والسكن والبطالة المزمنة، ولا أوهنها تحريك العملية التنموية التي من شأنها أن تعيد العراق إلى خارطة العالم المتحضر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومجرد إلقاء نظرة إلى واقع العراق اليوم تثير في النفس الأسى. فالبلد الذي يحتوي أول أو ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم يستورد المشتقات النفطية من الكويت وإيران وغيرهما. والبلد الذي يمخر عبابه نهران يرويان مساحات شاسعة من أراض عرفت بخصبها من أقدم الأزمان قد صار اليوم سوقا للمنتجات الزراعية من سوريا والأردن ومصر وسواها. ليست هناك صناعة بأية مقاييس محلية أو إقليمية، لا في القطاع الخاص ولا في القطاع العام رغم توفر الكوادر والموارد الهائلة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
القطاع المصرفي يعود إلى قرون مضت، وليست له مساهمة تذكر في أي عملية تنموية، بينما دوائر الدولة شبه معطلة، تزخر بالموظفين ولا تنتج إلا القليل. لو لم يكن لدينا نفط في باطن الأرض لبات معظمنا بلا عشاء.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إذاً من المسؤول عن هذا الواقع المتردي؟ ومن عليه أن يجد له حلولا على المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة؟ الحكومة بكل تأكيد. ولكن طالما كانت هناك أزمة سياسية، تنعكس على الواقع الأمني، فإن هناك عذرا في التأخير عن دراسة هذا الواقع ووضع خطة للنهوض به. وطالما كانت هناك مشاكل سياسية، فإن التركيز الإعلامي لن يكون على الفشل الحكومي منقطع النظير بل على خلافات الشركاء ومشاحناتهم. وفي كل مرة تثار فيها قضية حول هذا السياسي أو ذاك فإن الشارع سرعان ما يبدأ بالانقسام بين هذا وذاك. لا يبدو الأمر جديدا، فقد قيل قديما "فرّق تسد".</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ربما لا يحدث شيء بعد خطاب بارزاني، كما لم يحدث شيء قبله، رغم تصاعد الأصوات المعارضة. لكن إن اضطرت حكومة إقليم كردستان إلى اتخاذ إجراءات متطرفة، فلن يكون من المجدي إلقاء اللوم على أحد. وإذا كان السيد المالكي لا يقيم وزناً للرأي العام اليوم فإن عليه أن يواجه حكم التاريخ في المستقبل، ونحن نرجو مخلصين أن لا يوصف بأنه "الرجل الذي قسّم العراق"، ليس بعد أن نجونا من هذا الاختبار إبّان الاحتلال الأميركي.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-858101702702979262012-03-24T10:50:00.000+03:002013-09-20T01:26:43.461+03:00قمة المكاسب والخيبات<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
نشرت وسائل الاعلام العراقية تفاصيل عن بعض ما سينفق من اموال وموارد لغرض استضافة القمة العربية المقررة ببغداد أواخر الشهر الجاري. وتحدثت المصادر عن تخصيص مئة مليار دينار عراقي كميزانية للنفقات، ونشر مئة الف عنصر امني لتوفير الحماية للوفود المشاركة فيها. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وفيما يتشكك الكثيرون بقيمة هذه القمة العربية في الوقت الراهن، يؤكد آخرون انها ضرورية لإعادة العراق الى محيطه العربي واستعادة دوره الاقليمي الذي فقده منذ غزو قوات صدام للكويت وما تلاه من احداث عزلت العراق عن الدول العربية والعالم ككل. لكن السؤال عن الفائدة المرجوة منها لشعب العراق يبقى مطروحا دون اجابة واضحة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
مما لا شك فيه ان تخصيص الموازنات الخيالية لمثل هذه المناسبات سوف يؤثر على المشاريع التنموية الضرورية لخدمة المواطن العراقي، ومنها ما يخص البنى التحتية المتهالكة في قطاعات شتى نحن في غنى عن تعريفها. كما ان استدراج العناصر الامنية من محافظات العراق المختلفة يمكن ان يؤدي الى احداث فراغ او فجوة امنية هنا او هناك قد تستغلها العناصر التخريبية لافتعال احداث اجرامية تثير فزع الوفود المشاركة، ويكون ضحاياها –بالطبع– افراد من الشعب العراقي. ومن المعلوم ان اهداف تلك المجاميع الارهابية لا تقتصر على بغداد، بل انها نشطة في كل مكان في العراق كما اثبتت الوقائع على مدى السنوات التسع الماضية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وفي نفس الوقت، تبقى الازمة السياسية تراوح مكانها بدون ان تظهر بوادر لحلول، ناهيك عن التوصل الى اتفاقات تقود في آخر الامر الى احلال الاستقرار السياسي والامني في البلاد. وتبقى مسألة تعيين الوزراء الامنيين غير مطروحة للنقاش على الرغم من الخروقات الامنية الفاضحة التي تحدث بين الحين والآخر. ويظل رئيس مجلس الوزراء المتحكم الاول بالشأن الامني، على مستوى قيادة القوات المسلحة، ووزارات الدفاع والداخلية والامن الوطني، على الرغم من طبيعة وظيفته التي يفترض ان تكون مدنية بامتياز. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ان انعقاد القمة العربية في العراق لا يمكن ان يعد مكسبا لحكومته فقط، الا اذا ارادت هذه الحكومة ان تحسبه في لائحة "منجزاتها". ومما يبدو اليوم، فان حكومة السيد المالكي لا تعير انتباها كافيا لما يريده المواطن العراقي، وما يعتقده حول تلك القمة. فلم نشهد عقد مؤتمرات محلية او وطنية تعمل على الاستماع للمواطنين بما يخص القمة، او ان تسعى الحكومة الى توضيح وجهة نظرها حول الاسباب الداعية الى عقدها في بغداد والنتائج المتوخاة منها. وكأن افراد هذا الشعب ليس لهم قول في الاحداث السياسية التي تقع في بلادهم رغم انهم سوف يدفعون ثمنها مالا، ودما، وعرقا في السيطرات الامنية التي ستنتشر بالالاف في كافة المناطق بلا شك.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ان كان يحلو للبعض ان يسميها قمة المالكي، فيا لبؤس تلك القمة، ويا لشقاء من يستضيفها. فهل دفعنا ثمن الغزو الاميركي دماء زكية، ودمارا شديدا، ورعبا غير مسبوق، وكلنا أمل في التحرر من سلطة الشخص الواحد، واعناقنا تشرئب الى السماء فخرا باننا اول من سيقطف ثمار الديموقراطية حديثة العهد في المنطقة، اقول هل نقوم بعد كل هذا بالتهليل لفرد واحد ونعزو مكاسبنا لشخصه؟ وهل سوف يكون المالكي بعد تلك القمة، جمال عبد الناصر الثاني، فيحقق ما عجز غيره عن فعله، من ايقاف سفك الدماء في سوريا على يد السلطة الجائرة، الى تحقيق بعض من الطموحات التي يتشارك فيها معظم الناطقين بلغة الضاد، وعلى رأسها ايجاد نوع من الوحدة بين البلدان العربية تذكر بماضيها المجيد وتدفع بها الى المستقبل المشرق. ان مجرد التفكير بهذه الامور يدفعني للضحك. فكم من العراقيين يؤمن فعلا بضرورة الوحدة العربية، بعد ان تم تجيير هذا المصطلح على يد الانظمة المتتالية في معظم الاقطار العربية واستخدامه وسيلة لقهر شعوبها؟ نعم، ان مبدأ الجامعة العربية انما يقوم في الاساس على مبدأ تحقيق الوحدة العربية. فان كان ما سلف صحيحا، فان من سخرية القدر ان نسعى بكل ما أوتينا من مال ورجال لاستضافة هذه القمة، التي لا اشك اننا سوف ننسى كل ما دار فيها في اليوم التالي لانفضاضها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من المؤكد ان تلك القمة سوف تنعقد بجدول اعمال معين، لكن هناك خارج مجمع القصور الرئاسية جدول اعمال ثان. قد تسنح الفرصة للمخربين في مدن بعيدة للقيام بعمليات ارهابية فقط للتشويش على القمة. وقد تهب عاصفة من التصريحات النارية بين الفرقاء السياسيين المتنازعين منذ دهور، ما يخلق حالة من التوتر لدى ابناء الشعب وهم يتوقعون الاسوأ. ومن المحتمل ان تلجأ الحكومة الى فرض حظر التجوال الكلي او الجزئي في مناطق من بغداد والمحافظات العراقية الاخرى مما يؤثر سلبا في حياة المواطن. اما ما تخصصه لميزانية تلك القمة فهو ضياع آخر للموارد الوطنية التي لم يعد يفكر فيها الكثيرون.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
نحن لسنا ضد عقد القمة في بغداد، فهذا استحقاق وطني. لكننا لا نرى اننا نشارك في تلك القمة كشعب او امة، بل كحكومة. وهذا هو ما كنا نخشاه منذ اليوم الاول. فالحكومة بمفهومنا يجب ان تكون ممثلة لنا بما يكفي حتى لا يسعى احد لتسجيل منجزاتها على حسابنا. والقمة العربية التي ستعقد قريبا ليست الا مكسبا آخر لرئيس الوزراء، وخيبة أمل اخرى للشعب.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-55496135662526001732012-03-03T11:07:00.000+03:002013-09-20T01:26:50.679+03:00المالكي والقمّة العربية .. صفقة أم تفاهم؟<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
تداولت وكالات الأنباء بيانا صحفيا صادرا عن مكتب رئاسة الوزراء يقول فيه السيد المالكي إن العراق "يؤيد التغيير في سوريا" مبيناً أن " التغيير ضرورة والأوضاع فيها لن تستقر من دونه". وهو تبدّل لافت لموقفه المعلن سابقا تجاه الأزمة السورية، وخصوصا تصريحه في المؤتمر الصحفي الذي جمعه والرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، حينما قال: "ليس لدينا الحق بدعوة رئيس للتنحي، لا يمكننا منح أنفسنا هذا الحق"، وذلك قبل أكثر من شهرين بقليل.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
فما الذي تغيّر في هذه الفترة القليلة حتى ينقل السيد نوري المالكي موقفه من جهة إلى الجهة المقابلة؟ ربما يقول البعض إن نظام الأسد قد بالغ في التصدي للثورة التي يقوم بها الشعب السوري، وانه قد حَمل حتى أكثر الناس قربا منه على التخلي عنه والنأي بأنفسهم عن وحشيته المفرطة في مواجهة شعبه الأعزل. ألم ترَ أن بعض الدول العربية قد أصبحت تطالب جهرة بتسليح المعارضة بعد أن طفح بها الكيل، ويئست من أية حلول سلمية أو توافقية لتلك الأزمة التي شارفت على إتمام عامها الأول؟ فليس من المستغرب إذا يتخلى المالكي عن الأسد بعد كل هذا.ومن جهة أخرى يقال إن المالكي قد عقد صفقة مع جامعة الدول العربية مفادها أن يغير موقفه من الرئيس السوري مقابل السماح بعقد القمة المقبلة في بغداد. وإذا كان مثل هذا الأمر حقيقيا فإنه لا قيمة لتلك القمة ولا لمكان انعقادها، ولا حتى لما تتوصل إليه من قرارات. نعم، في عالم السياسة المتحول، تقوم الدول وقادتها وسياسيوها بشراء المواقف، بالمال والسلاح والمعونات ،وبالضغط والترغيب والتهديد والوعيد، وبطرق كثيرة أخرى. لكن تغيير موقف دولة تجاه جارتها مقابل عقد مؤتمر فيها سيكون سابقة، وسيكون قد أخذ بأبخس الأثمان. أقول لا قيمة لقمة تعقد بصفقة مع مضيفها أصلا لأن موقف باقي الدول لن يكون خارج هذه الصفقة بأية حال، وسيكون لكل صوت ثمن، مع حاجة الكثير من الدول العربية إلى صفقة من نوع أو آخر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن من الراجح إن دول الخليج العربية أعربت في مداولات خاصة مع حكومة المالكي عن قلقها حيال موقف العراق من الأزمة السورية. فهل كان المالكي يسعى لتهدئة تلك الهواجس قبل القمة من اجل ضمان حضور عربي عالي المستوى، وإنجاح أول مؤتمر قمة عربي يعقد في العراق منذ عقود؟ هل انه يستخدم التصريحات العلنية وسيلة لاجتذاب القادة العرب ولو على حساب موقفه المعلن قبل فترة وجيزة؟لقد كان تصريح المالكي في البيت الأبيض غريبا في الأساس. ففي حين انه استهجن دعوة الأسد إلى التنحي، كان مضيفه، باراك أوباما، قد فعل ذلك بالفعل مرارا وتكرارا، كما وجهت الكثير من الدول الأوروبية وعدد من الدول الأخرى دعوات مماثلة للرئيس الأسد لمغادرة منصبه، سواء كان الغرض من تلك الدعوات التخلص من نظام الأسد، أو حقناً لدماء الشعب السوري. ولا يمكن لنا أن ندّعي أن المالكي أكثر منهم خبرة في القانون الدولي، أو أطول منهم باعا في السياسة الدولية. ولو عمل العالم بنصيحة المالكي بعدم دعوة الرؤساء للتخلي عن مناصبهم، لما كان هو اليوم في السلطة. لذلك قد لا يكون تصريح المالكي تغييرا في الموقف بقدر ما هو تراجع عن تصريحه السابق الذي ربما أراد به التعبير عن استقلالية عن الموقف الأميركي دون أن يقصد حقيقة دعم النظام السوري، خصوصا بعد صدور اتهامات كثيرة بتبعية المالكي لإيران التي تدعم بشكل صريح نظام الأسد. فاليوم يريد السيد رئيس الوزراء أن يعلن استقلاله عن القرار الإيراني بعد أن أوضح استقلاله عن القرار الأميركي قبل شهرين.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إن مسألة عقد القمة العربية باتت اليوم ضرورة ملحة بعد أن طال تأجيلها لأكثر من عام. وإذا كانت ظروف التأجيل مازالت قائمة، فإن على الدول العربية أن تمضي قدما في الالتئام تحت راية جامعتها بأي حال. فالثورات العربية المتزامنة، وتغير الأنظمة الحاصل يفرض على كل الأنظمة العربية أن تسعى إلى تفعيل منظومتها الإقليمية لمنع التأثيرات الوخيمة لاحتمالات الحرب الأهلية في غير واحدة من هذه الأقطار. كما أن استحقاق العراق في عقد القمة ليس محل مساومة، والمالكي يدرك ذلك جيدا. ولكنه بنفس الوقت يرغب في تفعيل دور العراق في منظومة العمل العربي المشترك، ولا يريد أن يظهر بمظهر المعاكس لها. لذلك لا أرى أن هناك صفقة وراء عقد القمة في بغداد، ولكنه تفاهم صامت يفهمه كلا الطرفين.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من ناحية أخرى، قد لا تخرج القمة المرتقبة بقرارات مصيرية في ما يتعلق بسوريا. فالقضية السورية أضحت اليوم أمام مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة. وإذا كان مجلس الأمن قد فشل بالفعل في إدانة النظام السوري وتحميله مسؤولية أفعاله المشينة تجاه شعبه، فإن المجتمع الدولي سيواصل التحرك لحين التوصل إلى صيغة توقف حمّام الدم في سوريا، وترغم الرئيس السوري على الانصياع لرغبات شعبه. ربما ستكون القمة العربية قضية بروتوكولية ولكنها ستبقى مهمة من الناحية الستراتيجة، بما يتوقع منها أن تناصر الشعب السوري وأن تقدم الدعم للقرارات الوزارية السابقة لمجلس الجامعة القاضية بتعليق عضوية النظام السوري وفرض العقوبات الاقتصادية عليه. وإذا تم هذا فإن التفاهم الصامت بين العراق والجامعة العربية سيكون قد أنجز على خير وجه.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-13064933014391223652012-02-15T09:08:00.000+03:002013-09-20T01:26:58.236+03:00الطريق إلى دمشق لا يمر من موسكو<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إذا كانت وقائع التاريخ تميل إلى تكرار نفسها، فلا أوضح دليلا على ذلك من مسلسل الأحداث الذي رافق ثورات العالم العربي، منذ بدئها في كانون الثاني من العام الماضي وحتى اليوم. فالأنظمة التي ثارت عليها شعوبها أضحت اليوم، باستثناء النظام السوري، خارج الحكم بكل الطرق الممكنة:</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
الرئيس التونسي هرب إلى الخارج، والرئيس المصري تنحى "طوعيا" عن السلطة وهو قيد المحاكمة، والرئيس اليمني قـَبل صفقة وساطة خليجية-عربية لخروج مُشرف من السلطة. أما الرئيس الليبي معمر القذافي فقد لقي المصير الذي بشـّر به زملاؤه قبل بضع سنين فقط: قتلا على يد الثوار. فهل كان للنظام السوري من عِظة في كل هذا؟ لا يبدو ذلك. فالرئيس السوري، الذي يريد أن يفرض سلطته بكل ما أوتي من قوة، لم يستطع أن يتفهم طبيعة المرحلة، وكيفية التعامل مع الحركات الاحتجاجية منذ بدأت. وقد اتخذ من طريقة تعامل والده حافظ الأسد مع الاحتجاجات المماثلة في الثمانينات من القرن الماضي مرشدا له دون أن يعي طبيعة التغيير الحاصل منذ ذلك الحين، خصوصا مع تقدم وسائل الاتصال وسرعة نقل الخبر، إضافة الى سرعة التواصل بين المحتجين وإمكانية تنظيم الصفوف بطريقة أكثر منهجية، وتأليب الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي. وعلى الرغم من محاولات النظام السوري إظهار نفسه بمظهر المصلح، وإقرار الرئيس بشار الأسد العلني بضرورة اجراء اصلاحات سياسية، تشمل إقرار نظام التعددية الحزبية وانهاء احتكار حزب البعث للسلطة في سوريا، إلا أن طرح هذه الإصلاحات جاء متأخرا كثيرا، وجرى تبسيط طرحها الى درجة السذاجة، كما أنها تميزت بالتعالي وعدم الاعتراف بالطرف المناوئ. إلا أن أكثر ما يدعو قوى المعارض الى الاستخفاف بها هو عدم ثقتهم بأنها حقيقية، خصوصا مع عزوفها عن مناقشة موقع الرئيس في النظام الجديد. ونتيجة لقصور الوعي لدى الفئات السياسية الحاكمة في سوريا بطبيعة المرحلة، فإن سقف المطالبات الشعبية قد ارتفع الى حد المطالبة بإسقاط النظام، وهي حركة التاريخ التي يحلو لنا أن نطلق عليها "الحتمية التاريخية". ولكن إذا كان النظام السوري يعي تلك الديالكتيكية الحتمية، فلابد انه أصبح يحاول ان يتمثل النماذج المماثلة في التاريخ، التي ربما كتب لها النجاح في ظروف معينة. فلربما يرى سياسيو دمشق أن حركة التاريخ كانت ضد نظام صدام عقب غزوه الكويت، وان كل المؤشرات في ذلك الوقت كانت تشير الى سقوطه الوشيك، لكنه استمر نيفا وعقد من الزمان بعد ذلك. وان افترضنا جدلا أن مثل هكذا سيناريو ممكن اليوم، فان من الصعب تصور بقاء نظام الأسد كل هذه الفترة الزمنية. قد يفرض توازن القوى بين الشرق والغرب، والخوف من تهديد المتطرفين إن تمكنوا من الاستيلاء على السلطة في سوريا، قد يفرض منطق "تسويف القضية"، لكنه لن يصمد طويلا. فلم تعد الحرب الباردة هاجس القوى العظمى، ولم يعد الغرب يرى في "المد الإسلامي" رديفا للإرهاب والتطرف. واليوم، مع تصاعد الحراك السياسي العربي من خلال الجامعة العربية، والعربي-الأممي عبر مجلس الأمن، فان موقف النظام السوري بات في اشد حالاته الدبلوماسية ضعفا، وهي في العادة المقدمة للمزيد من الضعف على المستويين السياسي والعسكري. واذا كانت روسيا والصين قد عرقلتا إصدار قرار مجلس الأمن الذي يمهد لانتقال سلسل وسلمي للسلطة في سوريا باستخدامهما حق النقض، فان باقي الدول الأعضاء في مجلس الامن، فضلا عن جامعة الدول العربية، لن تيأس وسوف تجد طريقة تمرر بها قرارا مماثلا من مجلس الأمن. لقد بات النظام السوري يراهن على موقف دولة واحدة يبدو أنها آلت على نفسها حماية الدكتاتوريات حتى تسقط، ألا وهي روسيا. فموقف تلك الدولة التي كانت توصف بالعظمى من سوريا اليوم ينسجم مع موقفها من كل من العراق ويوغسلافيا وليبيا تحت حكم الطغيان في السابق، ولكنها تنحت جانبا آخر الأمر لتترك الأمور تسير في مجراها الطبيعي. ومن غير الواضح سبب دعم روسيا للنظام السوري كأولوية جيوبوليتكية. فسوريا ليست دولة مصدرة للنفط أو مصادر الطاقة الأخرى، كما أنها ليست سوقا رئيسة للمنتجات الروسية، باستثناء قطاع التسليح العسكري. وسوريا ليست مجالا حيويا لروسيا، ولا تشكل بعدا امنيا لها. ومن الراجح أن روسيا إنما تسعى للحصول على مكاسب على حساب النظام السوري أكثر من سعيها لحماية "حليف إستراتيجي".</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أمام النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد فرصة لتغيير مسار التاريخ. تلك هي الإعلان الواضح عن العزم على التخلي عن السلطة، والدعوة إلى جمعية وطنية تضطلع بكتابة الدستور، الذي سوف يحول البلاد الى دولة ديمقراطية. وبهذا فانه سوف يستبق الأحداث التي تصنع اليوم في مجلس الأمن، ويمنع روسيا من الحصول على مكاسب من تسويق موقفها اتجاهه، لأنها ستبيعه آجلا إن لم يكن عاجلا. إن هذا السيناريو ليس إفراطا في التفاؤل، وإنما مجرد قراءة تصحيحية للحتمية التي أقحمت القيادة السورية فيها نفسها. أما إذا رفض الرئيس السوري الانصياع لهذا المنطق البسيط، وأمعن في ممارساته التعسفية ضد شعبه، واستمر في ارتكاب المجازر التي تقشعر لها الأبدان، فان عليه أن يتوقع تخلي اقرب حلفائه عنه. وإذا كان على حاملات الطائرات إن تشد الرحال، مرة أخرى، إلى البحر المتوسط قاصدة دمشق، فلن يتعين عليها أن تمر بموسكو. فهل سوف تكون ابتسامة الأسد في مؤتمر قمة دمشق حينما قال القذافي كلمته الشهيرة: "الدور جاي عليكم"، مجرد نكتة أخرى من نكت التاريخ، ويجد بشار نفسه أمام نبوءة طالما سخر منها؟ ليس علينا أن ننتظر طويلا لنعرف الإجابة.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-53564572945006933392012-01-26T09:12:00.000+03:002013-09-20T01:27:05.851+03:00سليماني يضع المالكي في امتحان عسير<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لاقت تصريحات قائد فيلق القدس الايراني، قاسم سليماني، حول خضوع العراق للنفوذ الايراني عاصفة من الاحتجاجات والاستنكارات بين كافة الاطياف السياسية العراقية بدءا من ائتلاف دولة القانون وائتلاف العراقية ومرورا بالتحالف الكردستاني وليس انتهاءا بالتيار الصدري، حيث اعتبرت هذه الاطياف ان مثل هذه التصريحات تـُعد تدخلا سافرا في شؤون العراق واساءة الى استقلاله.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن اللافت في تلك البيانات الطريقة التي تمت بها قراءة تصريح سليماني بما يخدم التوجهات السياسية الداخلية لكل من الفئات السياسية في العراق. ففي حين طالب النائب عن ائتلاف دولة القانون عزة الشابندر، قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بتفسير التصريحات التي أدلى بها بشأن خضوع العراق لإرادة إيران وإمكانية تشكيل حكومة إسلامية فيه، ووصفها بـ"التطاول غير المقبول" على سيادة العراق، فانه حمل القائمة العراقية مسؤولية تلك التصريحات كونها أوحت لسليماني أن إيران تمتلك جنوب العراق، وأضاف أن "الدول التي لا تعتبر أن هناك مركزية قوية في العراق تسمح لنفسها بالتدخل".</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقال المتحدث باسم القائمة العراقية حيدر الملا إن "من يعتقد أن يكون العراق تابعاً لإيران أو عمقاً استراتيجياً... فإنه ذاهب إلى الوهم"، معتبراً أن المالكي " فشل ببناء علاقة متوازنة ليس فقط مع إيران بل مع دول الجوار كافة" مؤكدا أن "سياسات المالكي مع السعودية وإيران وتركيا والكويت والاتحاد الأوروبي وحتى مع الجامعة العربية سيئة، كما أن سياسته في إثارة الأزمات على الساحة الداخلية العراقية جعلت الآخرين يطمعون بنا ومهدت الطريق أمام علاقات غير متوازنة مع دول الجوار، مما سمح للبعض منها بالتطاول على العراق بهذا الشكل السافر".</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اما التحالف الكردستاني فقد جاء موقفه واضحا على لسان محمود عثمان، حيث أكد ان تصريحات سليماني تعد "تدخلا سافرا في شؤون العراق"، داعيا الحكومة العراقية إلى اتخاذ موقف حازم، مشددا على أهمية "إدانة مثل هذه التصريحات من جميع الكتل السياسية". وهاجم التيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر سليماني معتبراً تصريحاته "غير مقبولة"، كما أكد أنه لن يسمح بأي ذريعة للتدخل بشؤون البلاد الداخلية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وهكذا فان الكل اجمع على ادانة تصريحات المسؤول الايراني، لكن الاختلاف كان بين العراقية ودولة القانون في تحميل بعضها بعضا مسؤولية صدور هذه التصريحات. وعلى الرغم من اننا لا نستطيع ان نحمّل الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي، وهو زعيم ائتلاف دولة القانون المسؤولية المباشرة عن صدور مثل هذه التصريحات من دولة "جارة"، الا ان تصريح الشابندر الذي اوردناه فيه تجن كبير على القائمة العراقية. فكيف يمكن للمطالبة باللامركزية ان يحث دول الجوار على التدخل في شؤون العراق؟ واذا كانت المطالبة بالفيدرالية امرا قبيحا الى هذا الحد، فلماذا اقرّه الدستور باديء الامر؟ لكننا يجب ان نذكر بان المطالبة بالفيدرالية كانت قبل بضع سنين ترد من احزاب منضوية تحت جناح التحالف الوطني، السلف الشرعي لتحالف المالكي الحالي، وبالتحديد من المجلس الاسلامي الاعلى، والذي خاض حملات مكثفة من اجل فيدرالية الجنوب، وهو الأمر الذي لم يلقَ تأييدا واسعا حينها بسبب احتمال انفصال اقليم جنوب العراق المفترض ووقوعه تحت الهيمنة الايرانية. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على ان من المحتمل ان تكون تصريحات المسؤول العسكري الايراني، في هذا الوقت الذي تزداد فيه الضغوط على الحكومة الايرانية على خلفية برنامجها النووي، محاولة لرفع الضغط عنها والتلويح باستخدام نفوذها في العراق، سواء على المستوى الرسمي من خلال علاقتها "المتينة" مع حكومة المالكي، او بدعهما للحركات المسلحة في العراق، من اجل خلق فتنة طائفية-سياسية، وربما اشعال فتيل حرب اهلية ربما يتوسع مداها لتشمل عموم منطقة الشرق الاوسط. وما تجنيه ايران من ذلك كله هو خلق حالة من الرعب لدى الدول الغربية من تعرض مصادر الطاقة في تلك المنطقة الى الخطر، وتوقف الامدادات النفطية التي تشكل نصف انتاج منظمة اوبك وربع الانتاج العالمي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ونلاحظ ان هذا التصريح ورد على لسان مسؤول ايراني غير مصنف ضمن الهيكلية الحكومية الرسمية، بمعنى ان من الممكن ان تتنكر له الادارة الايرانية رسميا اذا دعت الضرورة لذلك، رغم انه يعكس وجهة نظرها في واقع الحال. وهذا التحايل السياسي يساعد في ارسال الرسائل المطلوبة دون الحاجة الى تحمل تكلفتها. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وليس على الحكومة العراقية ان تبحث عن تبريرات من داخل العراق عمّا يتفوه به مسؤولون في الدول المجاورة، بل عليها ان تتصدى لهذه التصريحات وتعاملها بالطريقة المناسبة مهما تكن متانة العلاقات بين البلدين. واذا كان المالكي قد فشل في مناسبات ماضية في ترويض الرغبة الايرانية بالحد من سلطته، والتقليل من هيبة الدولة العراقية، فان الفرصة سانحة اليوم ليشجب باقوى العبارات هذه التصريحات، ويستدعي السفير الايراني لتسليمه مذكرة احتجاج، بل وحتى استدعاء السفير العراقي في ايران. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اما السكوت واتخاذ موقف مهادن، والقاء المسؤولية على تلك القائمة وهذا الحزب، فسيؤكد ما ردده منتقدو الحكومة الحالية طيلة مدة عملها بانها "خاضعة للنفوذ الايراني"، مستشهدين بموقف العراق تجاه سوريا في الجامعة العربية، حينما خالف كل من العراق ولبنان اجماع الدول العربية على معاقبة وتعليق عضوية النظام السوري، الحليف المتين النظام الايراني. لعل هذا هو اكبر امتحان امام المالكي اجتيازه ليثبت قدرته على توحيد الصف العراقي، وامامه فرصة لاستعادة موقعه القيادي واحباط محاولات تنحيته، لكن عليه ان يواجه حلفاء طالما ساندوه في الماضي، وهذا امتحان عسير.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-18161057314513530942012-01-18T09:51:00.002+03:002013-09-20T01:27:12.266+03:00ما فرص نجاح المؤتمر الوطني؟<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
دعا السيد رئيس الجمهورية، جلال طالباني، إلى عقد مؤتمر وطني لمعالجة الوضع السياسي المتأزم في العراق إثر صدور مذكرة القبض بحق نائب الرئيس، طارق الهاشمي، وطلب رئيس الوزراء، نوري المالكي، سحب الثقة عن نائبه، صالح المطلك. القائمة العراقية رأت في هذه التطورات استهدافاً لها ومحاولة لعزلها عن الساحة السياسية، فعملت على الانسحاب من الحكومة والبرلمان احتجاجاً على ذلك.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن عزيمة المالكي لم تهن، وأصرّ المرة تلو الأخرى على انه إنما ينفذ أمر القضاء. فبعد أن صدرت المذكرة بتوقيع قاض واحد، وهذا كافٍ من الناحية القانونية، فان الحكومة عمدت إلى تحويلها إلى خمسة قضاة لتأكيد صحتها، ومن ثم نظر فيها أحد عشر قاضياً، وجاءت النتيجة كما المتوقع: المذكرة صحيحة. وذهب المالكي إلى أبعد من ذلك حين تحدث للقنوات الفضائية مؤكداً إن مجلس القضاء الأعلى "هدده" بإصدار مذكرة قبض بحقه إن لم ينفذ مذكرة القبض بحق الهاشمي. ومن المعروف إن القضاء لا يصدر أوامر من تلقاء نفسه، بل بطلب من جهة تنفيذية (أي المدعي بالحق العام) أو من الشخص الذي وقع عليه الضرر (أي المشتكي) بعد تقديم الأدلة الكافية، ونحن لا نعرف أياً من هؤلاء لديه الرغبة في الادعاء على المالكي بالتقصير في تنفيذ مذكرة القبض المشار إليها، أو انه يملك الدليل على ذلك. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على كل حال، إذا كان المقصود من المؤتمر الوطني "الذي رفعت جلساته للأسبوع المقبل" أن يعمل على تقريب وجهات النظر ووضع حلول للمشاكل العالقة، فان قضية الهاشمي لا يمكن أن تكون – نظرياً– إحداها. فبعد كل هذا التصعيد الإعلامي، وتأكيد كافة الأطراف على استقلالية القضاء، فان من الصعب رؤية حل سياسي ما يؤدي إلى تمييع أو حفظ أو تجميد الدعوى القضائية بحق الهاشمي. يمكن الاتفاق على إجراء المحاكمة في مكان آخر غير بغداد، ويمكن الاتفاق على شخوص القضاة، لكن هذا أكثر ما يمكن أن تحصل عليه القائمة العراقية لمساعدة أحد رموزها. ولكن ماذا عليها أن تقدم للحصول على ذلك؟ ربما يتوجب عليها إعادة نوابها إلى البرلمان ووزرائها إلى الحكومة كإجراء أولي، لكن عليها أيضا أن تتنازل عن بعض مطالبها السابقة، مثل تشكيل مجلس السياسيات العليا، وحصولها على وزارة الدفاع. لقد نجح رئيس الحكومة في دفع خصومه إلى موقع الدفاع، وبالتالي فان كل ما يمكن أن يحصل عليه هؤلاء هو محاولة استعادة جزء من موقعهم السابق. ومن ثم، فان المالكي يكون قد حصل على مكسب آخر، مهما يكن طفيفا، إلا انه مهم. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقد كانت هذه السياسة نهجا ثابتا له منذ أن تسنم منصبه قبل ست سنوات، وظهرت بشكل جلي بعد الانتخابات الأخيرة، حيث استغرق تشكيل الحكومة برئاسته فترة حوالي عام كامل قبل أن يصادق عليها البرلمان. من بين الأزمات التي ساهم في إثارتها قضية اجتثاث بعض المرشحين، واغلبهم من القائمة العراقية، بحجة انتمائهم إلى حزب البعث المنحل. وكان من بين المجتثين السيد صالح المطلك. لكن الصفقات السياسية التي جرت خلف أبواب مغلقة قلبت هذه المعادلة، لنجد المطلك نائباً لرئيس الوزراء، وهو ما اعتبرته (العراقية) نصراً لها. والواقع إن المالكي استطاع ببراعة أن ينزع شوكة القائمة العراقية من خلال إيهامها بالحصول على مكاسب وإرغامه على القبول بشخصيات لا يحبها كثيراً. هذا الوهم الذي تلبست به (العراقية) أدى بها إلى التواني عن المطالبة بتشكيل مجلس السياسيات العليا، والإسراع بتعيين أحد مرشحيها وزيراً للدفاع. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لا يزال أمام المؤتمر الوطني فرصة للنجاح، لكنها محدودة. فأحد أهم عوامل نجاحه أن يحضر الجميع بنية الاتفاق، وان يبدأ ببحث ما يريده الشعب أولاً. فليست قضية الهاشمي هي ما يؤرق هذا الشعب المسكين، بل مشاكل أكثر عمقاً وتأثيراً من تقديم الخدمات الأساسية إلى توفير فرص العمل وإعادة الإعمار بشكل جدي. والشعب يرى أن استمرار الأزمة، كائنا من يكون مُسببها، يؤدي إلى مزيد من التقصير من جانب حكومته. نعم، يتوجب حل المشاكل السياسية من أجل تصفية الأجواء بين رموز السلطة، لكن الكل يعلم أن ليس من وصفة جاهزة لحل أزمات السلطة. لذلك قد يكون من الأجدى السعي إلى إبطال هذه الأزمات من أساسها. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وأرى أن على (العراقية) ان لا تسعى الى الحصول على صفقة للسيد طارق الهاشمي، بل إن تقدمه إلى القضاء من أجل محاكمة تكون علنيتها ضمان نزاهتها. بدلاً من ذلك على العراقية أن تطالب بتشكيل مجلس السياسيات العليا المنصوص عليه في اتفاق تشكيل الحكومة الحالية المعروف بـ(اتفاق أربيل) فوراً. وقد لا يكون هذا المجلس مهماً من الناحية القانونية، لكنه سيشكل أهمية بالغة من الناحية السياسية. فحكومة الشراكة الوطنية التي يتزعمها المالكي تعاني تفكك تلك الشراكة بفعل النزعة الانفرادية لرئيس الحكومة. وعلينا أن نعي بأن رغبة التفرد بالحكم، لدى أي حاكم وفي أي نظام، هي غريزة أساسية لا يحد منها سوى رقابة شركائه في الحكم. فان غاب دور الشركاء، فما من رادع لتلك الغريزة. كما إن على (العراقية) أن تطرح مسالة تجديد الثقة بالحكومة مكتملة خلال سقف زمني محدد.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من جانب آخر، فان من المهم الاتفاق على ايقاف التصعيد الاعلامي الذي يقض مضجع المواطن العادي من آن لآخر. فغير واحد من النواب من كل الاطراف المتصارعة خرج على شاشات الفضائيات محذرا من الفتنة الطائفية والانزلاق نحو الحرب الاهلية، والعياذ بالله. ان قول مثل هذه العبارات قد يكون مجرد تحذير يراد منه اخذ موقف سياسي من قضية ما، لكنه يقع على رؤوس افراد الشعب مثل الشهب المتساقطة من السماء. فليس بمقدور احد تصور حال البلاد ان هي ذهبت بالاتجاه الذي يرسمه لنا ساستنا البواسل، الا هؤلاء الذين خبروها وشهدوا مآسيها. يجب ان ينجح المؤتمر الوطني في ان ينزع فتيل الازمة الراهنة، ويجب ان يضع آلية لنزع فتيل اية ازمة لاحقة، وهذا افراط في التفاؤل، لكن علينا ان نكون متفائلين مقابل كل هذا التشاؤم الذي يسود الاجواء.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-32408593266047253102011-12-29T09:44:00.001+03:002013-09-20T01:27:19.709+03:00حكومة الأغلبية السياسية.. انفراد بالسلطة أم انقلاب على المحاصصة؟<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بعد تسارع الاحداث السياسية في العراق إثر إصدار مذكرة القبض بحق نائب الرئيس، طارق الهاشمي، وطلب رئيس الوزراء، نوري المالكي، سحب الثقة من نائبه لشؤون الخدمات، صالح المطلك، تحدث البعض عن بوادر انفراد في السلطة يعكف رئيس الحكومة على تكريسها، بينما شدد البعض الآخر على أن المالكي إنما يسعى لإقامة دولة المؤسسات التي لا يعلو فيها شخص مهما يكن منصبه أو انتماؤه السياسي على حكم القانون.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
والواقع إن توقيت إثارة هذه الأزمة ربما يزيد الأمور غموضا. فهل كان المالكي ينتظر إتمام القوات الأميركية انسحابها كي ينقض على الخارجين على القانون أم أن الأدلة على تجريمهم برزت في هذا الوقت بالذات؟ يقدم لنا رئيس الوزراء دليلا على أن اتهامه نائب الرئيس لم يكن وليد الساعة، حينما قال في مؤتمر صحفي إن لديه "ملفاً" عن الهاشمي كان قد قدمه إلى الرئيس جلال طالباني قبل ثلاث سنوات. ويبدو أن هذا الأخير لم يقتنع بما ورد في الملف فردّه عليه، كما أن الأول لم يجد حيلة في حفظ الملف وعدم اتخاذ إجراء قانوني. الأمر كما يبدو سياسي بامتياز، إذ أن واجب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن يحارب الإرهابيين والمجرمين، وان كان لديه دليل على احدهم فحفظ ملفه لأسباب سياسية هو فشل في تنفذ الواجب المنوط به.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على كل حال، جلب النقاش حول هذه المسألة بالذات أفكارا كانت تطرح من حين لآخر، ولكنها برزت بقوة هذه المرة. فالمالكي اليوم يريد أن يحصل على حكومة أغلبية برلمانية بعد أن أعيته حكومة المشاركة الوطنية، أو (المحاصصة) كما أصبحت تعرف في الآونة الأخيرة. وهذا الطلب يجب ألا يؤخذ باستخفاف، وإنما هو حق. فالمحاصصة قيدت إلى حد كبير من قدرة الحكومة على التصرف إزاء المهمات المنوطة بها. وقد استحالت بعض الوزارات إلى حكومات بحد ذاتها، ولم يعد بإمكان رئيس الوزراء التدخل فيها بسبب القيود الموضوعة في أصل الاتفاق الذي أفضى إلى تشكيل الحكومة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على أن الدستور لم ينص صراحة على توزيع المناصب بين الطوائف والأعراق بشكل محدد، ولكنه أكد ضرورة أن يتم توزيع السلطات بين كافة الأطياف حرصا على الوحدة الوطنية. وهذا هو مبدأ حكومة الوحدة الوطنية، أو المشاركة. لكن التطبيق العملي حوّل هذا اللفظ، أي (المشاركة) إلى المصطلح الأكثر بغضا لدى الشعب العراقي ألا وهو لفظ (المحاصصة).</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقد حدد الدستور كيفية انتخاب رؤساء البرلمان والجمهورية ومجلس الوزراء في مواد محددة، هي: المادة (53(، وتنص: "ينتخب مجلس النواب في أول جلسةٍ له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالأغلبية المطلقة"، والمادة (67) أولا، وتنص: "ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية، بأغلبية ثلثي عدد أعضائه"، والمادة (73) أولا، وتنص: "يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية"،</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وهكذا، فان العقبة الرئيسة تكمن في انتخاب الرئيس، لان من الضروري الحصول على أصوات ثلثي المجلس النيابي. وهذا الأمر لن يكون سهلا إن أراد أي طرف أن يسعى إلى تشكيل حكومة الأغلبية السياسية. فعقد التحالفات بهذا الحجم للحصول على الأصوات اللازمة سوف يستغرق وقتا طويلا، وربما لا يوجد سقف للمطالبات التي سوف يتم التقدم بها. وبدون التوصل إلى انتخاب الرئيس لن يكون ممكنا تكليف رئيس للوزراء. ويمكن نظريا أن يُصار إلى انتخاب رئيس السلطة التشريعية بمعزل عن هذه التركيبة في السلطة التنفيذية، ولكن طالما كان المنصب سياديا فان تسمية من سيشغله لابد من أن يدخل في إطار مناورات تشكيل فرعي السلطة التنفيذية: رئاسة الدولة ورئاسة مجلس الوزراء. يضاف إلى هذا إن الدستور نص في المادة (67) رابعاً على: "يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالأغلبية المطلقة". مما يجبر رئيس الوزراء على استشارة الكتل السياسية المشاركة في ائتلافه قبل تسمية أي وزير. إن هذا في نظري عيب كبير في الدستور، يجب تداركه وتعديله حتى تستقيم العملية السياسية. فإذا أريد من صاحب اكبر الصلاحيات في الدولة أن يتحمل مسؤولياته علينا أن نمكنه منها. على أن السيد رئيس الوزراء كان واعيا لهذا الأمر فطلب أن يُمنح صلاحية اختيار الوزراء من بين عدة مرشحين كل وزارة، ثم طلب تأجيل تعيين الوزراء الأمنيين، وكان له ما أراد. وحينما حصلت المصادقة على حكومته كان في الحقيقة قد اكتسب صلاحيات اكبر من التي منحها له الدستور، وهو الأساس الذي يبني عليه المدعون عليه بالتفرد بالسلطة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من هذا يتبين لنا إن منصب رئيس الوزراء نفسه كان من ضمن المحاصصات اللازمة لتشكيل حكومة قابلة للتمرير من قبل البرلمان. فإذا أراد السيد رئيس الحكومة أن ينقلب على المحاصصة، وهو أمر مشروع، فيجب العودة بعملية تشكيل الحكومة إلى المربع الأول. اذ لا يمكن اليوم أن يتم رفض الطريقة التي وزعت بها المناصب السياسية بين الفرقاء، مع الاحتفاظ بمنصب رئيس مجلس الوزراء للسيد المالكي. لابأس في أن يبادر رئيس الحكومة في طلب سحب الثقة عن حكومته، وان يُعاد تكليفه برئاسة الحكومة الجديدة، إذا التزم بتقديم وزارته كاملة إلى مجلس النواب، الذي سيكون له القول الفصل، حسب الدستور، في قبول كل وزير أو رفضه. أما أن يعمل الآن على ترقيع حكوماته الممزقة بالنزاعات الحزبية من خلال إزاحة مناوئيه إلى موقع المعارضة، وتعيين مؤيديه بدلا منه، فلم يعد أمرا ممكنا في الظرف الراهن.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بالمقابل، فان الأحزاب والكتل التي تختار أن تحتل موقع المعارضة يجب أن تكون قادرة على ممارسة دورها في تصحيح مسار الحكومة، التي هي في هذه الحالة حكومة الأغلبية. ولابد من توافر الحد الأدنى من الثقة بين كافة الأطراف السياسية، وان تظهر التزامها بأحكام الدستور، حتى يمكن لنظام حكومة الأغلبية أن ينجح. وللأسف لا أرى أن هذين الشرطين متوافران حاليا.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لقد كانت نية مشرع الدستور أن يمنع أي مسؤول من التفرد بالقرار، خصوصا بعد أن عانى العراق من الدكتاتورية عقودا طويلة. لكن الطموح إلى السلطة تمكن من معظم المشاركين في العملية السياسية، حتى أعماهم عن إمكانية وقوع هذا الخطر بالآليات ذاتها التي تمنع وقوعه. وقبل توجيه الاتهام إلى شخص المالكي، على الأطراف السياسية أن تسأل نفسها: ما الذي جرى ليصل الأمر إلى هذا الحد؟ كيف يمكن لبلد دمرته الحروب والمآسي الطويلة، وتشرد أبناؤه في أصقاع الأرض، ونضبت خيراته الوفيرة، كل ذلك على يد شخص واحد انفرد بالسلطة، أقول كيف يمكن ألا تعمل جميع الأطراف من اجل أن تمنع حصول ذلك مجددا؟ يُقال: لولا النسيان لهلك الإنسان، وربما في حالتنا يمكن تعديل هذا القول ليصبح: لولا النسيان لهلك السلطان، فلربما نحصل على الإجابة عن تساؤلاتنا.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-14118729392876122172011-12-21T09:26:00.002+03:002013-09-20T01:27:29.389+03:00الشتاء العراقيّ تُدفّئه السجالات السياسية<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بينما يمر خبر رحيل آخر جندي أميركي من العراق يوم الثامن عشر من شهر كانون الأول الجاري بدون ضجة إعلامية، أو حتى ذكر إخباري يزيد على شريط الأخبار أسفل الشاشة في معظم القنوات المحلية والعالمية، فإن أخباراً أخرى تحتل مساحة كبيرة في التغطية الإخبارية الإعلامية للشأن العراقي.حينما قرأت خبر الجلاء الكامل، جال في خاطري أن ما يلي سيكون خطابا رئاسيا، أو بيانا وزاريا، أو تصريحا برلمانيا سوف يقرأ بالمناسبة،</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اعتزازا بالمناسبة الوطنية المميزة، فهذا اليوم هو يوم الجلاء واستعادة السيادة. لكن ما تردد من أخبار كان مختلفا للغاية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
فهذا رئيس الوزراء يحيل نائبه إلى البرلمان لإقالته بدعوى عدم اللياقة.. وماهي إلا يومان حتى يُعلن عن إصدار مذكرة إلقاء القبض بحق نائب رئيس الجمهورية بدعوى رعاية الإرهاب.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
سبحان الله كيف ينقلب السحر على الساحر بين ليلة وضحاها. فبعد أن كان كلا الرجلين قطبين أساسيين في كتابة وإقرار الدستور الذي يفترض أن يكون أساس العملية السياسية الجارية في العراق، أصبحا طريدين من قبل الحكومة وخارجين على القانون.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
يرى البعض أن رئيس الوزراء يتعمد أن يثير ضجة مع رموز القائمة العراقية بين الفينة والفينة لكي يغطي على فشل حكومته الذريع في حل المشاكل المستعصية التي يعانيها الشعب، من تهالك خدمات الكهرباء والماء والمجاري والطرق، إلى تفاقم مشاكل السكن والبطالة وتعطيل الصناعة والزراعة، وليس انتهاء بالخروقات الأمنية الفاضحة من آن لآخر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بمعنى آخر إن رئيس الحكومة يعمل على صرف الانتباه عن مسؤوليته المتمثلة بزعامته للحكومة بالادعاء انه ضحية هذه الحكومة (المفروضة عليه) وفق توافقات سياسية لايد له فيها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وإذا كان هذا الأمر صحيحا، فأين دور الشركاء في العملية السياسية؟ لماذا انزووا إلى أقبيتهم فلا ينبسون ببنت شفة للتعبير عن سخطهم من سياسة الحكومة التي هم جزء منها؟ لماذا يفاجأ الشعب بإعلان كبار مسؤولي الدولة مطلوبين للعدالة بلا مقدمات أو حتى بوادر أزمات تقدمت هذه الإعلانات؟ أما كان ينبغي لهم أن يخرجوا للعلن فيتحدثوا لنا عن هذه الاحداث وموقفهم منها؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
الظاهر إن طول جلوسهم خلف المكاتب الفارهة قد تمكن منهم حتى افقدهم حناجرهم، وأسقط أنيابهم، وقلّم أظفارهم، فما عاد بإمكانهم ان يهتفوا ضد اعتقالهم، أو يعضّوا من يحاول ذلك.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومن يذكر مؤتمراتهم قبل أشهر قليلة، فإنهم لا تعوزهم الفصاحة في التعبير عن خلجاتهم، وانتقاد المواقف السياسية التي لا يرتضونها من الحكومة حتى صاروا جزءا منها، لهم ما لها وعليهم ما عليها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إذا كان المالكي ينفرد بالحكم فان شركاءه هم المسؤولون عن ذلك. فلابد من أن اتفاقاتهم غير المعلنة حملت في طياتها تسليما غير مشروط لرئيس الحكومة أملا في الحصول على المناصب ذوات المردودات المالية والمعنوية العالية، والتي من شأنها أن تضمن مستقبلهم إذا آن أوان الرحيل. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
قبل سبع سنوات سعى حزب طارق الهاشمي إلى إقرار الدستور في محافظة نينوى بعد أن أسقطته محافظتا الأنبار وصلاح الدين وبات على وشك السقوط كليا إن لم تمرره نينوى، حسب نصوص الدستور التي تشترط عدم اعتراض أغلبية ثلاث محافظات عليه في الاستفتاء العام حتى يمر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وكانت الصفقة حينها أن يُصار إلى تعديل الدستور خلال أربعة أشهر. لم يحدث هذا الأمر، ولا يبدو انه سيحدث.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
فالرجل بات مطلوبا للعدالة، ولن يكون هناك موجب للإيفاء بوعد مع (مجرم).</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أما صالح المطلك فهو جنس من الناس يسكت دهراً لينطق كفرا، لكن هذا الأمر طرأ عليه مؤخرا. فحينما كان عضوا في لجنة كتابة الدستور لم يكن يجد أن البعثيين ربما كانوا أناسا صالحين، بل وافق عن تجريمهم ومنع حزبهم من العمل السياسي إلى الأبد، وما إلى ذلك من الفقرات الدستورية التي لا جدال في معاداتها حزب البعث وأفكاره ومنهجه. ثم فجأة أضحى المدافع عن البعثيين وعن حزب البعث، حتى طاله الاجتثاث، ليستثنى بعد ذلك في مساومة سياسية بغيضة تهزأ بعقل الناخب الذي لم يعد يفهم ما يجري. على كل حال، أنيط بالمطلك أكثر الملفات أهمية بالنسبة للمواطن العراقي: ملف الخدمات.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وطبعا، ليس بمقدوره أن يعمل على تحسين الخدمات الأساسية لأنه اكتشف أن رئيس الحكومة (دكتاتور).</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أما مرجعية هذين الرجلين، القائمة العراقية، فان موقفها كان على الدوام التهديد من الانسحاب من مجلس النواب، حتى نفّذوا ذلك، وكأن هذا الأمر من حقهم. فهل انتخب الشعب ممثلين عنه ليغيبوا عن جلسات البرلمان احتجاجا على الحكومة؟ أليس هناك من طرق دستورية لمحاسبة ومساءلة الحكومة، بل سحب الثقة عنها، وإجبارها على الانصياع إلى رغبة المشرعين، وأولها أن يعين وزير لكل من الوزارات الأمنية الشاغرة الثلاث؟ بلى. لكن طرق الإثارة الإعلامية أسهل، وهي الستراتيجية التي دأبت كل من الحكومة ومعارضتها على انتهاجها. وكل منهما إنما يغطي فشله بلجوئه إلى التصعيد الإعلامي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
الشتاء قدم مبكرا هذا العام، لكن حرارة الاحداث سوف تجعله دافئا وان غاب الكهرباء عن سخاناتنا، والنفط عن مدفآتنا، وجلسنا حول موقد الفحم نتحادث عن تسعيرة الوظائف في هذه الوزارة أو تلك. ربما ستبقي لنا الفكاهات التي نتندر بها في تلك الجلسات بعض الأمل أن ما هو آت خير مما مضى.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-17467341765803107112011-12-18T10:00:00.000+03:002013-09-20T01:27:44.233+03:00شكرا ايها الجندي الاميركي<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ذكرت وسائل اعلام غربية ان السياسيين العراقيين لم يستطيعوا الاتفاق على تقديم الشكر الى الجيش الاميركي تقديرا لجهوده في تحرير العراق من براثن الطغيان، واحلال مباديء الديمقراطية والحرية محل الدكتاتورية والاستعباد التي رزح تحت نيرها شعب العراق ما يزيد على اربعة عقود. ومضت هذه المصادر الى القول بان العراقيين يكونون بهذا "ناكرين للجميل."</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لا والله، لسنا ناكرين للجميل، ولسنا انتهازيين نصطاد فرصنا في الماء العكر. نحن شعب يحب السلام، وإن كان بيننا من يقرع للحرب طبولا، او خرج من بين ثنايانا من يدعو الى الفرقة طمعا في الوصول الى السلطة. نحن شعب ذاق القهر والحرمان دهرا طويلا، ولا نريد الا ان ننطلق في مسارنا لاعمار بلدنا وبناء وطننا. ومنذ قدمتَ الينا، ايها الجندي الاميركي، بدأنا نبصر بصيص امل بعد ان كاد الامل ينقطع عن ناظرينا الى الابد.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لا ريب في انك قدمتَ الينا غير مدعو، ولكن ليس عليك ان تغادر غير مشكور. وان كانت قيادتك جلبتك الى هنا وحمـّلتك اخطاءها، فنحن نعلم انك فعلت ما في وسعك لتجنب ان ترتكب اخطاء اخرى، ولكي تصحح ما امكنك من الخطأ الاستراتيجي الاول: القدوم الينا بلا خطة محكمة، وبلا غطاء دولي من مجلس الامن.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن هل علينا ان نذكر لماذا جئت، وما الذي تمخض عن ذلك؟ ربما. لنعد بالزمن الى الوراء. الى يوم قرر طاغية العراق المقبور ان يغزو الى الكويت، وقبلها خاض غمار حرب مدمرة ضد ايران دامت ثماني سنوات. نعم، كنا نحن غزاة ذات يوم. وهكذا، يصدر مجلس الامن تفويضا باخراج قوات الدكتاتور باية وسيلة، ولكنه يأبى الا ان يقود البلاد الى حرب دامية خاسرة حتى من يوم بدئها. كان شعور الشعب العراقي بالمذلة نتيجة تلك الهزيمة اكبر من خوفه من بطش الطاغية، فكانت ثورة شعبية تعمّ العراق من شماله الى جنوبه. وكانت اعلانا بالرفض لم يألفه النظام الذي تعود على الاستماع الى قصائد المديح المطولة في صالات قصوره الفارهة. ولم يوفر الطاغية جهدا في اخماد هذه الثورة.. هل سمعت بالمقابر الجماعية؟ نعم، لازالت الارض تئن بالمئات منها تتضرع الى الله ان يمنّ برحمته على اولئك الذين اهيل عليهم التراب احياء، لا لشيء الا لأنهم رفضوا الخضوع لنير الطغيان. وهو لم يتورع عن استخدام كل الوسائل المتوفرة لديه في اسكات الثورات الشعبية، حتى الاسلحة الكيميائية.. اما سمعت بـ(حلبجة)؟ يا ويلاه على اطفال ونساء ورجال وشيوخ احرقهم لهب قادم من السماء دون ان يكون لهم ملاذ منها، ارسله اليهم من كان ينبغي ان يحميهم منه.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ولكن ذلك النظام ما كان ليكتفي بكل ما سلف من المآسي، فقد عمد الى المواجهة مع المجتمع الدولي من اجل اطالة امل الحصار الاقتصادي، ليمدّ من عمر نظامه الاستبدادي البغيض، حتى تحطمت البُنى التحتية والفوقية لبلادنا ووصلت الى حافة الانهيار، وأنهك الشعب في توفير لقمة العيش وقنينة الدواء.. بات الشعب العراقي –بفعل سياسيات نظام الطغيان– الافقر في العالم، على الرغم من كونه الاغنى في الثروات المادية والبشرية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ويوم شهدت امهات ثكلى حبل المشنقة يلتف على عنق صدام، بعد ان أخرجتَه من جحره وجلبتَه امام العدالة، صلـّيْنَ الى الله ليحميك، ايها الجندي الاميركي، وينير طريقك الذي مابرح يزداد عتمة منذ أتيتَ الى بلادنا، حتى تضافرت جهودك مع جهود ابناء القوات المسلحة العراقية فانتصرت على قوى الظلام.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
كان الطريق مظلما، لان اعداء الحرية حطموا مصابيحه. وكانت كل تضحية قدمتَها شمعة تكسر هذه الظلمة، فتسيرَ ونسيرُ من ورائك، ونجري فنسبقك، ثم نبطيء فننتظرك. لقد احترت فينا، ولكنك صبرت علينا. فشكرا لك لصبرك الجميل، ولتضحيتك الكريمة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
شكرا لك لانك وضعت روحك على كفك لتحارب التمرد الذي عادى الشعب وحكومته قبل ان يعاديك. شكرا لك لانك سهرت على تدريب عناصر القوى الامنية العراقية حتى صارت قوية بما يكفي للذود عن حياض الوطن. شكرا لك لانك انفقت الاموال الطائلة في محاولة اعادة بناء البنى التحية المنهارة في وطني. شكرا لك لاخذك بيد الشعب العراقي نحو الحرية. شكرا لك لانك كشفت الفاسدين بين صفوف قواتك، ولم تخجل من ان تعلن ذلك للعلن، وتعتذر عن افعال هؤلاء المشينة، بل انك اصررت على ان تأخذ العدالة مجراها، وحاكمتَهم، والقيتَ بهم في السجن، بعد ان كانوا حراسا للسجون.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
شكرا لسرجنت كرستينا، التي وقفت في ساعة متأخرة من الليل تحرس مركزا للشرطة تعرض لاطلاق نار من مسلحين مجهولين. شكرا للملازم مارك الذي قاد فصيلا للقبض على عصابة من المطلوبين الخطرين. شكرا للميجر غريغ الذي عكف على مساعدة القضاة في محاكمة المجرمين. شكرا للجنرال أدمز لانه أمر فرقته بحراسة القرى والبلدات قرب قاعدته العسكرية، فسير الدوريات ليلا ونهارا. وشكرا للدبلوماسي تشاك الذي تواصل بجد واخلاص مع الحكومتين المحلية والوطنية وقدم لهما النصح والارشاد الذي كانا بامس الحاجة اليه.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
شكرا لكم ايها الرجال والنساء الذين تركتم خلفكم ازواجا وامهات وابناء لا يكاد يغمض لهم جفن خوفا عليكم، ولكنكم ابيتم الانصياع الى الخوف، ومشيتم الدرب الى آخره، وسلمتم العراق الى شعبه قادرا وأبيا كما كان وسيكون الى الابد.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
الشعب العراقي غير ناكر للجميل، ولكنه خائف، فاعذرنا. نحن لازلنا خائفين من ان ينقلب السحر علينا ونعود الى الدياجير التي انقذتَنا منها بمشيئة الخالق عز وجل. ولكننا تعلمنا ان نتغلب على مخاوفنا، ونعدك باننا سوف لن نجعلك تندم على ما قدمته لنا. سوف نستمر في سعينا الى بناء وطننا وحمايته وصون حريتنا حتى تبقى فخورا بنا. شكرا لك اليها الجندي الاميركي، وانت تغادر عائدا الى وطنك، وليباركك الله.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-29134589922203053362011-11-14T23:30:00.000+03:002013-09-20T01:27:53.396+03:00خريف النظام السوري لا يوقفه الامتناع العراقي<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
توصلت الجامعة العربية، في دورتها الوزارية الاستثنائية، الى قرار بتجميد عضوية سوريا في تلك المنظمة التي ظلت على مدى عقود طويلة داعمة لأنظمة اعضائها بغض النظر عن الطريقة التي يحكمون بها شعوبهم. واذا كان الربيع العربي قد أثر على بعض تلك الانظمة، وأسقط بعضه الآخر، فانه قد ترك بصمة واضحة على الجامعة العربية وحولها من مجرد منتدى للملوك والرؤساء العرب الى مؤسسة شعبية تنظر في قضايا الشعوب العربية المقهورة بمزيد من التمعن والإدراك للحال البائسة التي آلت إليها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقد صوتت لهذا القرار ثماني عشرة دولة عضو في المنظمة، من بينها دول تحررت للتو من نير الدكتاتورية مثل تونس ومصر، ودول مازال زعماؤها يحكمون قبضتهم على مقاليد الامور فيها مثل السودان. اما الدول التي عارضت القرار فلم يكن موقفها غريبا. فاليمن يمر بنفس المرحلة التي يمر بها النظام السوري، وهو ايضا مرشح للمزيد من الضغط العربي والدولي ليفسح المجال امام شعبه الطامح الى الحصول على حق تقرير المصير، ولكي يوقف محاولاته المستميتة من اجل وضع البلاد على شفا حرب اهلية في سعيه للتشبث بالسلطة بأي ثمن.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وبالمثل، فان الحكومة اللبنانية قد أثبتت في الماضي ولاءها للنظام السوري من خلال موقفها من قرار مجلس الأمن الذي صدر بإدانة استخدام العنف ضد المتظاهرين في سوريا قبل اشهر قليلة، والذي امتنعت عن التصويت عليه، في ظاهرة غريبة تصدر عن دولة كانت تعتبر من اعرق الديمقراطيات في العالم العربي والشرق الاوسط ككل.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن المستعصي على الفهم هو موقف العراق. فامتناع العراق عن التصويت لصالح قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية ربما يُعد رفضا للقرار اكثر منه مجرد النأي بنفسه عن الخوض في قضية سوريا. فلو كانت المسألة نزاعا بين دولتين لكان الامر مفهوما. اما ان يمتنع العراق عن الادلاء بصوته ضد القمع والطغيان والتعذيب والتهجير والقتل وانتهاك المحرمات فهذا امر عجيب. الم يعان العراق من الاضطهاد على يد نظامه السابق اربعين عاما ذاق فيها الشعب الامرين من ويلات الحروب والحصار والعزلة الدولية؟ الم يعمد ذلك النظام الى اعادة العراق نصف قرن الى الوراء وتسبب في قتل الملايين وتهجير ملايين اخرى فرّوا بجلودهم من بطشه؟ ثم، الم يكن من بين المهجرين والمهاجرين اولئك الذين تربعوا على كراسي الحكم في العراق الان بعد تحرره من سطوة النظام السابق؟ اذا، لماذا لا يتذكرون ايام سلكوا الشعاب والطرق الخطرة وتعرضوا الى شتى المخاطر في سعيهم للفرار من نظام لا يفترق كثيرا عن النظام السوري؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
تلك اسئلة محيرة. واقر باني لا اكاد استطيع ان افهم او افسر موقف العراق. يقول البعض ان موقف الحكومة العراقية انما يمثل امتدادا للاثر الايراني في المنطقة ككل وفي العراق على وجه الخصوص. والحقيقة اني لا ارى ان الحكومة العراقية مجرد بيدق في رقعة الشطرنج الايرانية. ربما تكون هناك بعض المناسبات التي يجامل فيها المسؤولون العراقيون النظام الايراني، إما لعلاقتهم الشخصية برموزها، او لكسب ود ذلك النظام وضمان عدم اسقاطهم سياسيا من قبل اولياء النظام الايراني في العراق. أي ان الاثر السياسي لايران في العراق لا يتعدى ولاءات متناثرة لا تمثل مجتمعة نسبة وافية لاحداث أثر في السياسة العراقية. كما ان هناك خصومات داخل اطراف الحكومة العراقية تجعل من الصعب على الحكومة ان تتخذ موقفا مميزا في قضية مثل دعم النظام السوري، دون ان يكون هناك توافق بينها. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
واللافت ان الحكومة العراقية الحالية قد تعرضت للنظام السوري بالقدح والذم والاتهام في غير مناسبة. وهي اتهمت ذلك النظام بتغذية أعمال العنف في العراق المرة تلو الاخرى، حتى وصل الامر الى رفع شكوى ضده في المحافل العربية والدولية، وظلت العلاقة بين البلدين في حال من التلبد والجمود لفترة ليست بالقصيرة. كما ان العراق طالب النظام السوري بتسليم المطلوبين بتهم تمس امن الدولة العراقية ومنها التخطيط والتمويل لاعادة حزب البعث الى الحكم وخلخلة الوضع الامني. وفي المقابل ليس هناك موقف ضد المعارضة السورية لا في الداخل ولا في الخارج. بمعنى ان العراق لم يكن يرى في تلك المعارضة ما يهدد امنه وسيادته واستقراره، بينما كان النظام السوري على الدوام متهما بكل ذلك واكثر. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومن كل ما تقدم فان الارجح ان موقف الحكومة العراقية يعكس وجهة نظر اغلبية الاحزاب المشاركة فيها. ذلك ان هناك تخوفا واضحا من حصول انقلاب سياسي في سوريا قد لا تكون عقباه حميدة على الوضع في العراق، من وجهة نظر الحكومة العراقية. كما ان التصعيد الدولي قد يقود الى تدخل عسكري اجنبي، وهو ما قد يفتح بابا آخر للعنف في دولة مجاورة ربما يتضرر العراق من شظاها. او قد تكون سيطرة المد الديني - الاسلامي على حركة الشارع العربي، بضمنه الرأي العام السوري، وما يحمل في ثناياه من اثارة للطائفية، هو هاجس القيادة العراقية. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وأياً يكن الامر، فان الاهم يتقدم على المهم. والاهم في هذه الحالة هو نصرة قضايا الحرية والديمقراطية والتعددية وصون حقوق الانسان. ان من الحكمة ان يقف المرء موقفا محايدا في قضايا لا تهمه. ولكن ان تقف الدول على الحياد في امور تمس معتقدها السياسي فهو نفاق واضح. وربما يؤدي مثل هذا الموقف الى فقدان الثقة بالحكومات واسقاطها سياسيا وشعبيا. فكيف لك ان تقنعني بانك غير متعطش للسلطة اذا كنت تؤازر متشبثا بها؟ والمثل العراقي يقول: "حشرٌ مع الناس عيد"، أي ان عليك ان تساير الناس في الامور التي لا تمسك مباشرة. وهو الحال مع النظام السوري، فبقاؤه ليس افضل من رحيله. وحركة التاريخ تشير الى هذا التغيير الوشيك، فهل علينا ان نقف ضد هذه الحركة الحتمية؟ لا اظن ان الحكومة العراقية قد وعت آثار الربيع العربي حتى الآن. ومن سخرية القدر ان العراق، حسب رؤية الرئيس الاميركي السابق جورج دبليو بوش، هو واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط. لكنه فشل حتى الان في اثبات ان الديمقراطية التي يحمل لواءها هي النظام الامثل للحكم. وهو فشل آخر لاميركا في منطقة الشرق الاوسط ككل وليس في العراق فحسب.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-49149294969678488742011-11-03T00:04:00.001+03:002013-09-20T01:28:02.397+03:00دعوة للقضاء على الفساد الإداري من خلال النيو ميديا<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من المؤسف أن يستمر ذكر العراق في صدارة الدول التي تعاني الفساد الإداري سنة تلو الأخرى. ولكن الأمر الأكثـر إيلاماً هو أن ترى مسؤولي الدولة في حالة نكران كامل لهذه القضية المهمة، إن لم تكن الأهم في الوقت الراهن. بل أنهم نادراً ما يتناولون موضوعة الفساد الإداري في إطار الحلول المطروحة أو أن يشرحوا لنا خطتهم في التصدي لتلك الظاهرة الخطيرة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
يتحدث بعض الناس، عند تناولهم موقف الحكومة الرسمي من الفساد الإداري، عن أمور مثل السماح لبعض المسؤولين بتفشي الفساد عمدا بين داوئرهم من اجل التغطية على ممارساتهم الفاسدة هم أنفسهم. بينما يقول آخرون: إن الفساد يخدم بعض الأحزاب المتنفذة لغرض الإبقاء عليها في السلطة من خلال التمويل المنتظم الذي ما كانوا ليحصلوا عليه من طريق آخر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن الظاهر أن هذه الآراء، وإن حملت بعض الأجوبة، لا تستطيع أن تقدم تفسيرا شاملا لاستشراء الفساد الإداري بما يتجاوز المعدل المتعارف عليه في دول فقيرة ومتخلفة قياسا بالعراق. وهي أيضا لا توضح تخاذل الحكومة، المكونة من أحزاب متصارعة دأبت على إظهار مواطن العيب لدى بعضها البعض الآخر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لهذا فلابد من وجود أسباب أكثر عمقا جعلت من هذه القضية عسيرة على الحل إلى هذه الدرجة. وربما يكون أهم هذه الأسباب هو كون هذه الظاهرة موروثة من النظام السابق، الذي سقط إثر الغزو الأميركي عام 2003. فقد عملت أجهزة ذلك النظام على رعاية الفساد الإداري بشكل ممنهج، بسبب عجز الدولة عن توفير ابسط سبل العيش لموظفيها. فقد كان معدل دخل الموظف العادي الشهري، على سبيل المثال، لا يكفي لسد نفقات نقله إلى دائرته أو مدرسته أو ما سواهما. واذكر أن نائبا في مجلس العموم البريطاني زار العراق إبّان فترة الحصار الاقتصادي الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق، وتحدث في مؤتمر صحفي من مستشفى، مشيدا بالأطباء العراقيين الذين قبلوا أن يعملوا في مستشفياتهم براتب لا يزيد على "ثمن بيضة في اليوم الواحد". ومن الواضح أن مثل هذا الأجر لا يقيم أودا ولا يسد رمقا. ولم يكن لدى الأطباء العراقيين من سبيل سوى العمل في المستشفيات حسب قانون التدرج الطبي، ولكنهم وجدوا موردا آخر للعيش من خلال العيادات الخاصة. أما غيرهم من الموظفين فإنهم قلما أتيح لهم العمل في القطاع الخاص، الذي عانى هو الآخر من مشاكله الخاصة نتيجة الحصار الاقتصادي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وهكذا لجأ الكثير من الموظفين إلى ممارسات تندرج تحت مسمى الفساد الإداري، وإن لم يعدها جميع الشعب كذلك. مثال ذلك دفع مبالغ مالية، قد لا تكون كبيرة، من اجل تجاوز الدور، أو استحصال موافقات روتينية لغرض تمشية المعاملات التي، ما عدا ذلك، ليس هناك من داع لإيقافها. وتطور الأمر إلى زيادة التعقيدات الإدارية والروتينية لحمل المزيد من الناس على الدفع وتخليص معاملاتهم. وإذا لم يكن هناك ضرر مباشر على المصلحة العامة نتيجة لهذه الممارسات، فان ضررها المتراكم كان اكبر من كل قضايا الفساد المألوفة، مثل الاختلاس والرشوة والمحسوبية. لقد أدى شيوع ثقافة تجاوز الروتين الحكومي عن طريق دفع الأموال للموظفين العموميين إلى شرعنة هذه الممارسة حتى بات من الصعب إقناع كل من طرفي المعاملة، المواطن والموظف، إنها خطيئة كبيرة. فكم مرة سمعت، عزيزي القارئ، عن ممارسات مثل استحصال إجازة قيادة بدون حتى الذهاب إلى دائرة المرور؟ ومثلها لحالات جواز السفر؟ أنا واثق من أن لديكم الكثير من الأمثلة التي تغني عن المزيد من الإيضاح.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إن شيوع هذه الثقافة قد انعكس على النظام الجديد بكامل صورته، وان تغيرت الأحوال. نعم، لم يعد الموظف بحاجة إلى "الإكرامية"، بعد أن تحسنت أحوال معظم الموظفين المالية. ولكن الكثير من الموظفين كانوا في الخدمة قبل التغيير واستمروا بعده. وإذا كان هناك أمر (شرعي) تحت ظرف ما، فسيبقى شرعيا تحت كل الظروف. لان المبدأ الأساس في الأخلاق هو أنها غير نسبية. فالسرقة سرقة سواء أنفقتها على الموبقات أو لغرض إطعام الفقراء. وانه لمن دواعي الأسف الشديد أن معظم الناس يتفقون على أن الرشوة أمر خاطئ وحرام لكن الكثير منهم لا يتوانى عن دفعها من اجل الحصول على غايتهم بشكل ميسر. وهم يتفقون على تحريم السرقة والغصب وأكل مال الغير، ولكنهم لا يجدون أن الرشوة هي فعل يضم هذه الأمور الشنيعة اجمعها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لذلك إن أردنا أن نتصدى إلى الفساد الإداري يجب علينا أن نبدأ من القاعدة: من صغار الموظفين وعامة الشعب. طبعا نحن ندرك وجود جهات متخصصة بهذا الشأن مثل هيئة النزاهة، ودوائر المفتش العام في الوزارات وديوان الرقابة المالية، وحتى منظمات المجتمع المدني. لكن الممارسات الصغيرة لا تصل في العادة إلى تلك الجهات. وحتى إن وصلت فلربما لا تجد اهتماما كافيا لكون تلك الجهات مشغولة بقضايا فساد اكبر. وبالتالي فان استمرار هذه الممارسة يعني ترسخها واستشراءها أكثر فأكثر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إن ما ندعو إليه هو حملة منسقة، لا تقودها مؤسسات الحكومة أو البرلمان، بل يقودها المواطنون أنفسهم. تلك الحملة تشرح للناس أن تقديم الإكرامية هي عملية سرقة بشكل أو آخر، وهي غصب لحق شخص آخر، وهي بكل تأكيد أمر شنيع لا يقل عن الفساد في عقود الكهرباء أو النفط أو السلاح. فالأمر الخاطئ لا يكون صحيحا إذا كانت قيمته اقل من دينار أو ألف أو مليون مثلا.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
هذه الحملة يجدر أن تروج باستخدام وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف والاذعات والفضائيات، ولكن بشكل أكثر تفاعلا من خلال وسائل (نيو ميديا) وهو تعبير عن وسائل الإعلام الجديدة التي بات الناس العاديون محررين فيها مثل ما هم قراء. ومن الأمثلة على ذلك مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب، وكذلك المدونات الشخصية المعروفة بـ(بلوغ). والسبب في اعتقادنا بان مثل هذه الحملة يمكن أن تؤدي في آخر الأمر الى تأخير موقع العراق على قائمة الدول التي تعاني الفساد، وذلك بأن يتحدث الناس فيها بالطريقة التي يشعرون بأنهم جزء منها، أي أنهم سوف يكونون رعاة للحملة أكثر من كونهم مجرد هدف لها. وهكذا فانك تجد من الصعب أن تخالف ما تعظ به، لكنك ربما تجد من المغري أن تخالف الوعظ الذي يلقى عليك.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وسوف أبدأ بان اطلب من كل إنسان شريف أن يقول معي "الإكرامية مثل الرشوة وكلاهما عيب وحرام".</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-91321074622900968462011-10-28T10:15:00.000+03:002013-09-20T01:28:11.728+03:00فشل قطاع المقاولات الانشائية.. الاسباب والنتائج<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
تحدث السيد رئيس الوزراء، نوري المالكي، لدى زيارته الى محافظة بابل مؤخرا، عن تأخر تنفيذ المشاريع التي تقوم بها المحافظة، وحتى توقفها بشكل كامل. وقال انه أُحيط علما بتلك المشاريع وانه على ثقة ان هناك مشاريع اخرى متوقفة، ومع ذلك برأ الحكومة المحلية من أي تقصير وان السبب الاساسي في توقف المشاريع يعود الى التنافس بين المقاولين عند تقديمهم عطاءاتهم، ما ادى الى خفض الاسعار بشكل كبير. وما ان يبدأ المقاول في تنفيذ العمل، بحسب المالكي، حتى يكتشف المقاول الذي تحال بعهدته مقاولة المشروع ان الاسعار التي تقدم بها خاسرة فيعمد الى التقصير في العمل وحتى الهروب من تنفيذ المقاولة الامر الذي يؤدي الى توقف العمل في المشروع تماما.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ان وجهة النظر هذه ليست مقتصرة على شخص السيد رئيس الوزراء، ولكن ربما يصرح بها بين الاونة والاخرى مسؤولون في الدولة على تعدد مستوياتهم، وهي ايضا وجهة النظر الشائعة بين عموم المواطنين الذين لا يرون في عملية تنفيذ المشاريع سوى المقاول. وفي الحقيقة، فانه قليلا ما يجري التطرق الى دور الدوائر المشرفة على المشاريع، والى تقصير بعض هذه الجهات الحكومية في الاشراف والمتابعة، وكذلك اعداد الكشوفات التخمينية المناسبة، والمخططات الهندسية المتكاملة، وتحليل الاسعار التي يتقدم بها المقاولون حتى لا تتم احالة المقاولة باسعار تعتبر عمليا خاسرة. يضاف الى ذلك تعقد سلسلة المراجع الى درجة يصبح من الصعب الوصول الى قرار من شأنه دفع عجلة العمل عند تعرضه الى ظروف تستوجب اجراء تغييرات او احتساب مستحقات للمقاول لم تكن واردة في الكشوفات الاصلية للمقاولة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لقد اضحى قطاع المقاولات ضحية سهلة لكل اتهام بتقصير او فساد او اختلاس او ما شابه، وعبّر العديد من المقاولين عن سخطهم لهذا الوضع حتى قال احدهم: "هل جفت ارحام العراقيات عن انجاب مقاولين شرفاء، بينما هي خصبة في انجاب سياسيين نجباء؟" وهذا تساؤل اجده حق، لان من العدل عدم اخذ الكل بجريرة البعض. واذا كان وضع قطاع المقاولات الانشائية اليوم يُعد سيئا، فانه ربما شهد عصره الذهبي في فترة السبعينيات من القرن الماضي، على الرغم توجه الدولة آنذاك نحو الاشتراكية والحد من سطوة "الطبقة البرجوازية". فقد نجت هذه الفئة من عمليات المصادرة والتأميم التي شملت المعامل الكبرى للشركات "الاحتكارية" والمزارع المملوكة لكبار "الاقطاعيين" لصالح القطاع العام، حيث يكون للدولة القول الفصل في عمليات الانتاج والتسويق على مختلف مراحلها. وقد يكون السبب في هذا الى عدم قدرة الدولة على حصر رؤوس الاموال المستثمرة في قطاع المقاولات الانشائية، وايضا صعوبة الاستعانة بالقدرات الحكومية الناشئة للحلول محل القطاع الخاص في هذا المجال. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على كل حال، لم يتمتع "المقاول" بالسمعة الحسنة في ذلك الوقت كذلك كونه يمثل خطا معاكسا لتوجهات الدولة في الاستحواذ على كل مقدرات البلاد الاقتصادية والاجتماعية، كما استحوذت على شؤونه السياسية من خلال سياسة الحزب الواحد وتمجيد الشخصية ونسبة جميع الانجازات الى شخص "القائد الضرورة".</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ورغم تغير السياسات الاقتصادية في العقود التالية واتجاهها نحو الخصخصة وتشجيع دور القطاع الخاص بعد ثبوت فشل القطاع العام لوحده في دفع الاقتصاد الى امام، الا ان وضع "المقاول" لم يتحسن كثيرا. فقد ولج الى هذا القطاع العديد من المغامرين الذين لم يكن لديهم خبرة كافية في هذا المجال، ولم يدفعهم الى الاستثمار في هذا القطاع سوى الرغبة في الحصول على الربح السريع من خلال تنفيذ اعمال بسيطة نسبيا باسعار عالية، وساهم في هذا الامر تفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي في دوائر الدولة، خصوصا في فترة التسيعينيات وما رافقها من حصار اقتصادي اصاب مقتلا لدى فئة الموظفين الحكوميين على وجه الخصوص، ومنهم من يتولى الاشراف على تنفيذ الاعمال الانشائية التي يقوم بها هؤلاء المقاولون. وهكذا اضحى قطاع المقاولات الانشائية ارضا خصبة لفساد واسع النطاق غضت الدولة طرفها عنها فاستفحل حتى صار سمة مرادفة للمقاول، وعانى من ازمة ثقة على المستويين الشعبي والرسمي، وصار من المعتاد التشكيك في نيات المقاول بالربح بغض النظر عن المصلحة العامة او التقيد بالشروط والمواصفات المعتمدة في هذا المجال.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وبعد زوال النظام السابق، وتولي القوات الاميركية زمام الامور في العراق، ظهرت بوادر اعتماد متزايد على المقاولين المحليين في تنفيذ مشاريع الاعمار الكبيرة منها والصغيرة. غير ان قصور فهم القوات الاميركية لطبيعة هذا القطاع وعدم امكانيتهم تمييز المتخصصين في هذا المجال من المُدعين، بالاضافة على التقصير الواضح في ادارة المشاريع والاشراف عليها، ادى كل ذلك على تزايد النقمة على المقاولين بدون تمييز، وحتى التجريح في وطنيتهم بعد هروب الكثير منهم الى الخارج اثر حصولهم على ارباح طائلة في فترة وجيزة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وهكذا لم يأت تغيير النظام الا بمزيد من الويلات على قطاع المقاولات الانشائية ودفع بالمقاولين الى اتخاذ مواقف حذرة ان لم تكن سلبية من مجمل عملية اعادة الاعمار. وترك العديد من المقاولين ذوي الخبرة العمل في هذا القطاع ليمارسوا نشاطات تجارية او سواها تفاديا للنظرة السلبية تجاههم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من كل ما تقدم يتبين لنا ان هناك ازمة ثقة تجاه المقاولين الانشائيين انعكست على طبيعة الدور الاشرافي من قبل الجهات الرقابية المناط بها تدقيق الاعمال المنجزة ما حدا بها الى وضع ضوابط صارمة لصالح تنفيذ الاعمال الانشائية بما يتوائم مع متطلبات الشروط والمواصفات الفنية. واتخذت الاجراءات الادارية طابعا روتينيا معقدا بدءا من اجراء الفحوصات المختبرية على المواد الانشائية المستعملة في التنفيذ وتدقيق الاعمال المنجزة او قيد الانجاز، مرورا بمنح التمديدات الزمنية واوامر الغيار، وصولا الى صرف السلف والمستحقات المالية، وليس انتهاءا بعملية الاستلام الاولي والنهائي للمشاريع المنجزة. ويبدو ان ما يدور في خلد الجهات الحكومية ان المقاول لا يدخر جهدا في خداعها للحصول على المزيد من الارباح.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ونظرا لرغبة الجهات الهندسية المشرفة على الاعمال التي يجري تنفيذها في درء التهمة المطروحة سلفا بالتواطؤ مع المقاول، فقد عمدت هذه الجهات الى وضع آليات معقدة من اللجان المتعددة المستويات بحيث تعمل كل منها على التحقق من عمل اللجنة الاقل مستوى من خلال الحلول –عمليا– محلها وليس مجرد تدقيق الاوليات للتأكد من مطابقة الارقام والنتائج لواقع الحال. وخلقت هذه العملية سلسلة طويلة من الاجراءات التي تستغرق وقتا طويلا قبل الوصول الى قرار يصب في مصلحة العمل.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وهكذا فليست هناك وصفة سحرية للنهوض بواقع تنفيذ الاعمال الانشائية من خلال المقاولين المتخصصين يمكن تطبيقها بين ليلة وضحاها. لكن من الممكن رسم خارطة طريق يمكن ان تفضي في نهاية المطاف الى تحسين وضع هذا القطاع المهم وتعزيز دوره في اعادة اعمار البلاد. وبغية وضع مثل هذا المخطط، لابد من التخلي عن النظرة السلبية اتجاه المقاولين، والبدء في النظر الى هذه الشريحة على اساس انها ليست فقط مكملة بل اساسية من اجل عملية اعادة الاعمار، وان المقاولين وان كان غرضهم الربح، شأنهم في ذلك شأن كل فئة عاملة، الا انهم لا يقلون وطنية عن اقرانهم من ابناء الشعب. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وبالمثل، يجب النظر جديا في اجراءات الاشراف الفني على المقاولة ومحاسبة الجهات الهندسية التي يحدث تقصير في تنفيذ المشاريع التي تقوم عليها، على اعتبار ان التقصير في تنفيذ الاعمال ليس مسؤولية المقاول لوحده، وانما هناك دور اساسي للدوائر المشرفة عليه. ومن الممكن ان يصار الى تشكيل لجان تحكيم دائمية تعمل على النظر في المنازعات التي قد تنشأ بين المقاول وبين الجهات المشرفة عليه بشكل عاجل، ويكون لها القول الفصل في حل هذه المنازعات. واذا ثبت ان المقاول او من يشرف عليه قد تعمد الحاق الاذى بالمشروع، فهذه جريمة خيانة عظمى، اذ لا مبرر لان يقوم أي انسان بالاضرار بالمصلحة العامة مهما كانت الاسباب الشخصية. وعلينا ان نتذكر على الدوام انه اذا استمر الوضع الحالي للمقاولين، فلن تصبح لدينا شريحة واعية مسؤولة تتولى تنفيذ المشاريع الهندسية، بل لن يتصدى لمثل هذه الاعمال سوى مغامرين وشذاذ الآفاق الذين لا يأبهون لشيء سوى الحصول على الربح باسرع وسيلة. ويجب على الدولة ان تأخذ دورها بتصحيح المسار، لا ان تعمد الى القاء التهم على المقاولين والدفاع عن كوادرها، بدون ان يتم النظر مليا في الاسباب التي أدت الى فشل المشروع تلو الاخر.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-8045539318154837112011-09-17T19:11:00.000+03:002013-09-20T01:28:19.361+03:00الثورات العربية وهاجس المد الديني<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
صدرت في الاونة الاخيرة تحليلات سياسية عن بعض المحللين الغربيين تعبر عن القلق من ان تؤدي الحركات الشعبية المطالبة بالحريات في منطقة الشرق الاوسط الى ظهور تيار ديني ووصوله الى سدة الحكم في بلدان المنطقة، وهو ما قد يقود الى انظمة سلفية متشددة ربما تغذي الحركات المتطرفة التي تسعى الى تقويض الانظمة الغربية وفرض رؤيتها الضيقة عليها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وربما يُعد وصول حركة طالبان الى الحكم في نهاية القرن المنصرم مثالا على الطريقة التي تستطيع بها حركات ذات نزعة شمولية ان تستحوذ على تأييد واسع بين مواطنيها مشكلة تيارا سياسيا واسع النفوذ على الرغم ضيق افكار هذه الفئة وعدم نضجها سياسيا لقيادة البلاد باسرها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن سقوط حركة طالبان السريع عقب احداث الحادي عشر من ايلول، نتيجة ايوائها تنظيم القاعدة ودعمها له، وافتقارها الى منهج سياسي-دبلوماسي للتعامل مع الدول الاخرى، لهو اوضح مثال على عدم اهلية التيارات الدينية المتشددة في التصدي للقيادة السياسية، بدءا من التنظير الى التنظيم وحتى التطبيق، بسبب ابتعادها النسبي عن هموم الشعب اليومية وترفـّعها عن الخوض في مسائل حياتية مثل توفير العيش الآمن والمرفه لمواطنيها، وتوجهها الكامل الى منطق الحروب المصيرية وفرض افكارها على شعبها اولا ومن ثم بقية الشعوب.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ولا شك ان هناك مدا دينيا يقف وراء بعض الحركات الشعبية في العالم العربي، ومنطقة الشرق الاوسط ككل، ربما يكون قد تكوّن كرد فعل عن فشل العلمانية المعتدلة في تحقيق طموحات الشعوب، او نتيجة لتفشي الفساد في مفاصل دول المنطقة، وانتشار البطالة والمحسوبية وضعف ادارة الموارد الطبيعية والبشرية لصالح تحقيق تنمية حقيقة في تلك البلاد. هذا المد الديني وجد في العودة الى الاصول اجابة مبسطة تدعو الى تطبيق المباديء الاساسية للدين المتمثلة بالعدالة والمساواة والاخاء والتسامح. وعلى الرغم من الحركات العلمانية تؤمن بمثل هذه المباديء السامية، الا انها لا تبدو، بنظر المواطن العادي، مقيدة بقانون الهي يمنعها من تجاوزها على العكس من الحركات ذات الايديولوجية القائمة على اساس تشريعية سماوية مقدسة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ففي مصر، على سبيل المثال، طالما خرجت المظاهرات والاعتصامات لفترة طويلة سابقة لما اصطلح على تسميته بالربيع العربي. ونادت هذه الحركات ذات الطابع العلماني بمحاربة الفساد واطلاق الحريات والاصلاح السياسي. وقد واجهت السلطات المصرية مثل هذه الحركات الشعبية بطرق لا تختلف كثيرا عن تلك التي استخدمتها في مواجهة الاحداث الاخيرة. وهي قد نجحت في قمع الحركات التحررية كلها باستثناء ثورة يناير التي أدت في آخر الامر الى الاطاحة بالنظام الحاكم. فما الذي حدث هذه المرة، ولماذا لم تنجح السلطة في قمع المظاهرات المناوئة لها، وهو امر خبرته على مدى عقود من الزمن؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
المفتاح للاجابة على هذا السؤال تكمن في الطريقة التي تطورت بها الحركات الدينية، ممثلة بحركة الاخوان المسلمين، التي كانت محظورة بشكل رسمي وان كانت حاضرة في المشهد السياسي المصري في كل الاوقات. فتلك الحركة وجدت لنفسها سبيلا للمصالحة غير المعلنة مع السلطة من خلال اعلانها نبذ العنف وادانتها لكل العمليات الارهابية التي شهدتها مصر في السنوات الاخيرة، وهو ما حسّن من صورتها ورفعها الى مستوى الحزب السياسي المنفتح ايديولوجيا، بدلا من الحركة المتطرفة ذات الافق الضيق. وقد ساهم هذا الامر، بالاضافة الى ايلائها بعض الاهتمام لما يشغل بال مواطنيها، في توسيع قاعدتها الوطنية وتحولها الى مؤسسة ذات بعد وطني وشعبي متجذر.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومع ذلك، فان حركة الاخوان المسلمين فضلت البقاء في الظل طوال فترة المظاهرات التي طالبت باسقاط النظام المصري برئاسة حسني مبارك، وانضوت تحت العلم المصري الموحد، رافضة استخدام اعلامها وشعاراتها في تلك الحركة الشعبية. ومن الواضح ان سياسة الاخوان تلك قد ساهمت في التخفيف من المخاوف الغربية حول احتمال وصول حركات دينية متطرفة الى سدة الحكم في مصر إثر الحركة الشعبية التي انطلقت في يناير/كانون الثاني من هذا العام، ومن ثم اصبح من الممكن استحصال الدعم الغربي لتغيير النظام. لقد كانت النتيجة نصرا ساحقا ومفاجئا لحركة الاخوان المسلمين، الذين لم يكن يرتاب احد في حضورهم ضمن الحركة الشعبية المناوئة للنظام المصري السابق، ان لم يكونوا على رأس هذه الحركة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
واذا كان الاخوان قد قدموا لانفسهم بمثل هذه الطريقة لضمان عدم اثارة المخاوف الغربية، او حتى الاقليمية، فانهم ان استطاعوا الوصول الى السلطة بطريق الاقتراع والوسائل الديمقراطية سوف يكونون اكثر حرصا على تهدئة الهواجس المرافقة لحركتهم. ويجدر بنا تذكر ان الكثير من عناصر القاعدة قد نشأ بين احضان حركة الاخوان المسلمين وتغذى من افكارها، قبل ان تتخلى هذه الحركة عن تنظيرها السابق. وبالمثل، فقد ظهر من بينهم العديد من المتطرفين الذين نفذوا عمليات صنفت على انها ارهابية سواء في مصر او خارجها. لذلك فان مجرد اعلان نبذ العنف قد لا يكون كافيا لتحسين صورتها عالميا. وهكذا فانهم بعد ان تتاح لهم فرصة تسنم السلطة في مصر سوف يبذلون كل ما في وسعهم لاثبات اعتدالهم، لانهم يدركون انهم بدون هذه السياسية لن يكون لهم بقاء طويل الاجل، وانهم سوف يخاطرون بفقدان الدعم الشعبي ان هم قادوا البلاد الى طريق يفضي الى العزلة الدولية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وفي اليمن تختلط الايديولوجيات بحيث لا يمكن فرز تيار سلفي او ديني متشدد او معتدل من بين الحركات التي تقف وراء تحريك الشارع اليمني ضد النظام الحاكم. لكن يبدو ان القول الفصل في ادارة تلك الحركات يكمن لدى الزعماء القبليين، وهم ليسوا بالضرورة قادة دينيين، ناهيك عن كونهم متشددين. نعم هناك حضور قوي للقاعدة في اليمن، لكن لا يبدو ان هناك دعم واسع لتلك الحركة الارهابية، وانها انما تعمل على استغلال الظرف السياسي المضطرب، وضعف الدولة المزمن، من اجل ايجاد ملاذ آمن لها هناك.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومثل هذا الامر ينطبق على ليبيا التي حكمها معمر القذافي بالنار والحديد على مدى اربعة عقود، ولكن اركان نظامه لم يتورعوا عن التهديد بالتحالف مع الحركات الدينية المتشددة في مواجهة الثورة الليبية التي انطلقت في شهر فبراير/شباط الماضي ونجحت في تحرير معظم انحاء ليبيا من براثن الطغيان، وهي على الطريق للتحرير الكامل خلال وقت قصير. وحتى هذا الوقت لم يظهر دليل على ضلوع المتطرفين في الحركة الشعبية لتحرير البلاد وان كانت هناك توجهات ذات مسحة دينية بين الثوار.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اما في سوريا، فان الحركات الشعبية لا تخفي اصطباغها بالصبغة الدينية، كما يظهر ذلك من انطلاقها من الجوامع والمساجد واتخاذها من بعض رجال الدين رموزا لها. لكن الصبغة الدينية لا تعني بالضرورة لجوءها الى ايديولوجية متطرفة، بل قد تكون هي السبب في استمرارها رغم القمع الوحشي الذي مارسه النظام ضدها على مدى الشهور الخمسة الماضية. اذ ان الاحساس بالمهانة وفقدان الكرامة الوطنية الذي اثار الانتفاضة الشعبية قد رافقه شعور بالقيمة العليا للشهادة من اجل المباديء السامية، وان كان على الطريقة الدينية. أي ان استرخاص الارواح بداعي الشهادة قد غذى هذه الحركات اكثر مما لو كانت مجرد حركات ناجمة عن القهر والحرمان وما سواها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وعلى هذا، فاني لا اجد مبررا كافيا للخوف من تولي متطرفين اسلاميين مقاليد السلطة في سوريا ان نجحت الثورة في الاطاحة بالنظام الحاكم. ولابد من الاشارة الى ان النظام السوري طالما دعم الحركات الارهابية المسلحة في العراق. وقد عملت السلطات السورية على فتح الحدود العراقية-السورية امام حركة السلاح والتمويل والافراد المتوجهة الى الارهابيين الذين كانوا يرومون تنفيذ عملياتهم في العراق. كما ان هذا النظام قد آوى كبار قادة الجماعات المسلحة العاملة في العراق بالاضافة الى رموز النظام العراقي السابق المطلوبين للعدالة. لذلك فان النظام السوري ليس في حالة حرب مع حركات متشددة، بل انه على النقيض من ذلك قد قدم لها الدعم المالي واللوجستي اللازمين للابقاء عليها سواء في العراق او في دول اخرى في المنطقة. وبالمقابل، فانه ليس هناك من دليل على وجود متشددين ضمن الحركة الشعبية المناوئة للنظام في سوريا، لا على المستوى الشعبي ولا على المستوى القيادي كما يتمثل ذلك في رموز المعارضة في داخل وخارج سوريا.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لقد نجمت الحركات الشعبية العربية عن عقود من الكبت والاذلال واستئثار السلطة لدى فئة محدودة عملت على استنزاف مقدرات الشعوب وتركها تعاني من الفقر والجهل والحرمان. وعلى الرغم من حضور الفكر الديني في ادبيات هذه الحركات، الا ان من المرجح انها ليست حركات دينية متطرفة، بل هي على العكس من ذلك تماما حركات معتدلة تجنح نحو العلمانية اكثر من جنوحها نحو التشدد الديني. واذا تمكنت التخلص من طغاتها فانها ستعمل على الاغلب على تحسين صورة الاسلام السياسي وفرض منطق الاعتدال الذي نادى به الدين الاسلامي الحنيف، وستعمل على استئصال شأفة التطرف والتشدد الذي عاد على منطقة الشرق الاوسط بمزيد من الحروب والمآسي والعزلة الدولية.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-81415954234311427902011-08-12T23:03:00.000+03:002013-09-20T01:28:34.489+03:00الصمت الذي يقتل السوريين يقتل الحرية في العالم العربي<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اخيرا خرج مجلس التعاون الخليجي عن صمته ازاء المذابح التي تجري يوميا في سوريا على يد النظام المتجبر الرافض لاصوات الاصلاح والتغيير. وجاء البيان الخليجي مدينا لعنف السلطة المفرط ضد الشعب السوري بعد مضي قرابة خمسة اشهر من بدء الاحتجاجات السلمية للشعب السوري الذي الهمه ربيع الثورات العربي فهب مطالبا بالحق الاول: الحرية.
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وبالمثل، فان البيان الخليجي انتظر بيانا امميا صادرا عن مجلس الامن يدين لجوء السطلة السورية الى العنف لاسكات الاصوات المطالبة بالحرية والاصلاح، لكي لا يُعد محرضا للدول الغربية للتدخل في الشأن السوري كما حدث في حالة ليبيا حينما بادرت بعض الدول الخليجية الى تبني موقف المعارضة الليبية مما سهل صدور قرار مجلس الامن الذي سمح لدول الناتو في القيام بضربات جوية "لحماية المدنيين" من بطش قوات القذافي.
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن بطء التحرك الخليجي اتجاه الاحداث في سوريا ليس وحده ما يثير العجب، بل عدم وجود أي تحرك يذكر من قبل دول اخرى خرجت للتو من نير الدكتاتورية، مثل مصر وتونس، ودولة كان ينبغي ان تكون مثالا للديمقراطية الناشئة في الشرق الاوسط، الا وهي العراق. واكثر غرابة من ذلك ان تتخذ دولة تجذرت فيها الاعراف الديمقراطية منذ زمن طويل موقفا يناهض كل المباديء الاساسية للحرية والديمقراطية. فمن العجب ان تنآى لبنان العضو في مجلس الامن بدورته الحالية عن البيان الذي يدين النظام السوري، باعتبار ان هذا البيان يشكل تدخل في الشؤون الداخلية ولن يؤدي الى حل أي مشكلة في سوريا. الا يعد كل بيان يصدره مجلس الامن بخصوص احداث تقع في أي دولة عضو في الامم المتحدة تدخلا في شؤون تلك الدولة؟ اليس مبدأ "مجلس الامن الدولي" هو التدخل من اجل احلال الامن في أي مكان في العالم والتحرك الفاعل لمنع الصراعات التي من شأنها ان توقع خسائر في ارواح المدنيين وتهدد السلم والامن العالميين؟ لكن حكومة لبنان الحالية تأبى الا ان تبرهن عن ما يتهمه بها معارضوها: انها تابعة للنظام السوري واذنابه في المنطقة بكل بساطة.
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ويقال ان دول الخليج انما اختارت الصمت عن احداث سوريا مقابل الصمت عن الاحداث في البحرين. واذا كان ذلك صحيحا، فلابد ان السياسيون العرب مازالوا يعيشون في القرن الماضي. فلم يعد بالامكان ان يتم تقايض الحريات في البلاد العربية، او في الشرق الاوسط عامة، بين السطات على طريقة "شيلني واشيلك" بعد ان قررت الشعوب ان تنتظم بطريقة ما كانت لتخطر على بال قبل سنوات قليلة مضت. فهاهي الشعوب تلجأ الى وسائل الاتصال العصرية لكي تطرح رؤيتها على الملأ وتناقشها وتتوصل بطريقة جميعة الى نقل احتجاجاتها الى الشوارع، وهي اللغة التي تفهمها الانظمة الاستبدادية التي لا تريد مشاركة او اعتراضا اوصلاحا بعد ظنت انها "ضرورية للمرحلة الراهنة" وانها "تخوض الحرب المصرية" وغير ذلك من الشعارات التي تسترت بها لتمجيد رموزها وبقاءهم على سدة الحكم الى اجل غير مسمى.
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لماذا لا تخرج مظاهرة في مصر او تونس او العراق تندد بعنف السطات في سوريا ضد شعبها الاعزل؟ هل لان هذه الشعوب مستغرقة كليا في مشاكلها الداخلية بما يمنعها من الالتفات الى الشعوب الشقيقة في محيطها الاقليمي ومواساتها في محنتها؟ لطالما اشتكى العراقيون من التجاهل العربي لمشاكله بعد الغزو الاميركي عام 2003، وتباطؤ الدول العربية في الاعتراف بالنظام الجديد فيه. اذا، لماذا لا تبادر السلطات العراقية الى اتخذا موقف حازم اتجاه السطات السورية، موقفا ينبع من التجربة العراقية الطويلة تحت الاستبداد والقمع والقتل والتشريد وكافة وسائل الاضطهاد التي شهدها العراقيون على مدى عقود طويلة من الزمن؟
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لقد كانت الاحداث في كل من مصر وتونس من صنع شعوبها بلا شك، لكن النظام في كل منهما كان هو المستفيد منها. فان كان هناك من تغيير، فهو انما حدث في رأس السلطة فيهما، وربما امتد الى بعض الرموز فيها. اما طبيعة النظام فلم تتغير جذريا. وهكذا فان موقف الانظمة فيهما قد لا يكون بالضرورة مناهضا لاستخدام العنف ضد المتظاهرين في المدن والقرى السورية، او حتى مؤيدا لمطالب هذه الفعاليات الشعبية. وليس هناك من جواب سهل على موقف هذه الدول بخصوص الاحداث في سوريا.
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن قد يكون هناك جواب سهل على موقف العراق من الاحداث في سوريا، بسهولة تحليل موقف لبنان من سوريا، وهو التأثير الايراني على كل من هذه الدول الثلاث. فايران لا تريد ان ترى حليفا قويا في المنطقة العربية يسقط ويتحول الى نظام تعددي حر. وايران مازالت لم تفق من كابوس الديمقراطية في العراق، الذي عملت بلا كلل وملل من اجل التقليل من شأنه واعاقته بكل صورة ممكنة. كما ان النظام الايراني عانى هو الاخر من انتفاضة شعبه قبل عامين والتي خرجت داعية للاصلاح. وهي لاتريد بكل تأكيد ان ترى نظاما منفتحا في سوريا يمثل الهاما آخر لشعبها للخروج مرة ثانية الى الشوارع والمطالبة بالحرية والتعددية.
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بيد ان هناك امورا اخرى، ليست فقط على المستوى الحكومي بل على المستوى الشعبي ايضا. فقد يكون هناك قلق في العراق من تحول سوريا الى دولة سلفية تكون حليفا للسنة في العراق مقابل تحالف الشيعة مع ايران، وبالتالي فان الصراع التالي قد يكون مضنيا وصعبا وغير مضمون، خصوصا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان باقي الدول في غرب العراق كلها ذات اغلبية سنية. قد لا يصرح احد بذلك خوفا من ان يوصم بالطائفية، لكن غض النظر قد لا يكون امرا حكيما حينما يراد منك ان تفتح ناظريك على كل ما يجري حولك.
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لقد حدثت الانتفاضات العربية في زمن وجيز، يقل كثيرا عن قدرة الشعوب وحكامها على فهمها والتعامل معها. ولهذا فان ردات الفعل ربما تتأخر، وربما لا تأتي ابدا. ولا اتصور ان يخرج وزير الخارجية العراقي، مثلا، ببيان يدين قمع السطات السورية لشعبها. فاذا نجحت السلطات السورية في اسكات شعبها آخر الامر، فان على العراق التعامل مع حكومة جارة عدوة، اما اذا نجحت الانتفاضة السورية فانها ستكون بحاجة ماسة الى الدعم من دول الجوار الاقليمي ولن تعمل على تقييم المواقف السابقة، وبالتالي فان هذا الصمت سوف لن يكون له عواقب، ليس سوى مقتل بضعة مئات او الاف او اكثر من ذلك او اقل من ابناء الشعب السوري. واذا كان قتل الشعوب ليس مبررا كافيا للتدخل فهل يعقل ان نطالب بالتدخل لحماية الحرية؟ ليس ان كنا لا نؤمن بها حقا، والحقيقة البسيطة، ان حكومة العراق ليست اكبر دعاة الحريات في العالم العربي والشرق الاوسط، وليست مثالا للديمقراطية في المنطقة. ومن سخرية الاقدار ان حكومة العراق ربما تود ان ينتصر الطغيان في سوريا وان كانت عانت من مثيله في العراق.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-61734687532546214452011-07-25T03:17:00.001+03:002013-09-20T01:28:42.510+03:00دور التنمية الاقتصادية فـي الدعم السياسي طويل الأجل<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لعل ابرز ما كان متوقعا للاقتصاد العراقي بعد تحرره من نير الطغيان هو التحولات الجذرية نحو اقتصاد مفتوح غير خاضع لسيطرة الدولة. اقتصاد تكون فيه المنافسة الحرة والعادلة هي العنصر الدافع للإنتاج، وتتغلب فيه الحاجة الى تلبية الطلب المحلي على المنتجات بطريق الاكتفاء الذاتي على الرغبة في اللجوء إلى الأسواق العالمية، حيث تصعب السيطرة على النوعية بالاضافة الى التأثيرات الوخيمة لزيادة الاعتماد على الاستيراد على حساب المنتج المحلي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
غير أن أوضاع العراق الشاذة منذ الغزو الاميركي في نيسان 2003، بدءا من التداعيات الامنية لذلك الغزو، مرورا بالقرارات السياسية المتعجلة في ما يتعلق بالاقتصاد المحلي وطريقة توزيع واردات الدولة الهائلة، وليس انتهاء بالحزبية الضيقة التي يتميز بها وقتنا الراهن والتي أصبحت العامل المحرك لكل فعاليات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب هيمنتها على تلك الفعاليات بدون منازع، كل هذا قاد الى عكس مسيرة النمو الاقتصادي وتراجع أداء الاسواق في ما يتعلق بالميزان التجاري الوطني.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<i><b>التركة الثقيلة</b></i></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لنلق نظرة على وضع اقتصاد العراق قبل عام 2003، حينما كان القرار يصنع في دائرة ضيقة جدا، وبأمر مباشر من "القائد الضرورة". كان العراق يرزح تحت وطأة العقوبات الدولية، التي لم تكن تعني شيئا بالنسبة للنظام أكثر من تفويض السيطرة على مقدرات البلاد النفطية الى الامم المتحدة في ما يعرف ببرنامج "النفط مقابل الغذاء". أي ان هذه العقوبات في الواقع كانت سياسية، الغرض منها منع حاكم العراق وزمرته من استثمار ثروات العراق في اعادة بناء برنامجه العسكري سيىء الصيت. لكن النظام لم يحوّل واردات النفط تلك الى ما يخدم مصلحة الشعب إلا بالنزر اليسير، ما انعكس سلبا على الوضع المعيشي لعموم الشعب، وتسبب في معاناة دائمة من نقص الخدمات الاساسية، وتدهور الوضع الاقتصادي بشكل خطير. هذه هي، بطبيعة الحال، البيئة التي يزدهر فيها الفساد ويرسخ أسسه في جسد الدولة ومفاصلها، ويجد له مبررات اجتماعية تجمل وجه أدعيائه على الرغم من قبح الفعل الذي يقدمون عليه.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<i><b>توطن الفساد</b></i></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وهكذا فما آن تغير النظام حتى وجدت عصابات الفساد الإداري والمالي نفسها أمام احتمالية الكشف والمحاكمة او الهروب والنفي. فبدأت هذه الزمر، التي كانت ما تزال تمسك بزمام الدولة من مواقع متوسطة او متدنية، في تعطيل عجلة الإصلاح التي كان يمكن ان تسحقها في غضون سنوات قليلة، لو توافرت النية المخلصة للقضاء عليها. ومما ساعد على بقاء هذه الطبقة الفاسدة في مواقعها غياب ثقافة مكافحة الفساد على المستوى الاجتماعي، بالاضافة الى انشغال الدولة بالامور السياسية والامنية الى حد إهمال متابعة هذا الشأن الخطير، الذي كان تأثيره في نهاية الامر اكبر من كل التبعات الامنية التي مر بها العراق خلال السنوات الثماني الماضية. و أوضح دليل على ذلك اليوم تردي وضع الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وطرق وصرف صحي وخدمات بلدية، يضاف اليها فشل النظام التربوي، وتخلف النظام الصحي، وتضخم نسب البطالة وشيوع المحسوبية وشراء الوظائف الحكومية، وغير ذلك من المظاهر الفتاكة لتردي وضع الاقتصاد في بلد لا تعوزه الثروات المادية والبشرية لكي يكون في مصاف الدول المتقدمة، او على الاقل ان يكون بمستوى اقل الدول تمدناً في محيطه الإقليمي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
كما ادى نقص الخدمات الاساسية الى تعطيل الصناعة المحلية على بساطتها، وتهالك القطاع الزراعي مقابل ازدهار وقتي للقطاع التجاري الذي كان مجرد بوصلة تشير الى اتجاه واحد: الاستيراد من خارج العراق دون ان يعبأ القائمون على التخطيط الاقتصادي بتعديل الميزان التجاري ولو بنسبة بسيطة، من خلال تشجيع التصدير وتقديم حوافز وإغراءات للمستثمرين في هذا القطاع، مع وضع ضوابط جمركية على حركة الاستيراد لحماية الصناعة المحلية والمستهلك على حد سواء. ومن ناحية اخرى، فان المصالح الحزبية قد وجدت سبيلها الى دوائر الدولة من خلال التعيينات المستندة الى الانتماء السياسي وغير المبنية على الكفاءة، ما ادى الى عرقلة الحركة الطبيعية للتطور واستبدال العناصر السيئة بأخرى جيدة من خلال الفرز والتمحيص على اساس الاداء وليس الانتماء.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<b><i>قرارات متعجلة</i></b></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
من بين القرارات التي اتخذتها الدولة دون نظر كاف في العواقب قرار زيادة رواتب الموظفين بشكل كبير. فعلى الرغم من كون شريحة الموظفين هي من الشرائح الكبيرة في المجتمع الا انها ليست الشريحة الوحيدة او الاوسع. وقد عمد النظام السابق، في الفترات السابقة للحصار الاقتصادي، الى منح زيادات في الرواتب بين الحين والآخر ظهرت آثارها واضحة في إحداث تضخم اقتصادي كبير عجزت الدولة عن تخفيضه لاحقا والقي بظلاله الى الوضع المعيشي العام. لذلك توقفت الدولة عن الاستمرار في زيادة الرواتب على الرغم من تيقنها بان مثل هذا الامر كان سيحقق لها نوعا من الدعم السياسي في اوساط المنتفعين، لان النقمة المتولدة بين المحرومين كانت ستكون اكبر واشد تأثيرا على النظام وأمنه وديمومته.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ولكن الحكومات التالية للنظام السابق لم تقرأ هذه التجربة كما ينبغي، فعمدت الى تقديم رواتب ضخمة لموظفين لم يكن للكثير منهم من عمل اكثر من التوقيع على سجلات الحضور والانصراف. ولم نشهد زيادة في إنتاجية معامل القطاع العام او حتى توفرها في الاسواق المحلية بعد تلك الزيادات لكي تكون مبررا لها، او لتغطي ولو قليلا من مصاريف دوائر الدولة الباهظة. وقد تحدثت بعض التقارير عن تخصيص اكثر من ثلثي ميزانية الدولة للرواتب على مدى السنوات القليلة الماضية، وهو امر يتحدى العقل السليم، ويخرج عن منطق التخطيط العلمي للاقتصاد. فكيف للدولة ان تبني المشاريع العملاقة، وتصلح البنى التحتية، وتتصدى للدفاع عن حياض الوطن اذا كان كل ما تبقى من ميزانيتها السنوية هو مبلغ العجز المتوقع في حالة هبوط اسعار النفط العالمية؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
والأدهى من ذلك ان زيادة الرواتب قد تسببت في إحداث تضخم هائل بأسعار السلع في الاسواق المحلية ما زاد من معاناة الافراد والعوائل التي ليس لها مردود شهري ثابت، ومن قبل ذلك فشل نظام البطاقة التموينية في تحقيق القدر الادنى من المساواة بين افراد الشعب نتيجة تناقص المفردات التي توزع بموجبها شهرا بعد شهر، فادى ذلك كله الى ان يصبح الفقراء اكثر فقرا، رغم تضاعف ثروات البلاد بشكل عام.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ان تمييز شريحة الموظفين بهذا الشكل قد ادى الى تهافت جميع فئات المجتمع للحصول على وظيفة حكومية مضمومة الراتب. ولم يستطع القطاع الخاص المنهك أساسا من استقطاب الايدي العاملة او الخبرات للعمل لديه لعدم قدرته على مجاراة هبات الدولة للعاملين لديها. فكان من شأن هذا ان يحط من قدر القطاع الخاص أكثر فأكثر الى درجة نزوح رؤوس الاموال الى الخارج وخلو الساحة الداخلية من المنتجين، او تحولهم الى وسطاء تجاريين يغرقون الاسواق المحلية بالمزيد من البضائع الرديئة، طاردة الإنتاج المحلي على قلته خارج السوق، عملا بالمبدأ المعروف: العملة الردئية تطرد العملة الجيدة الى خارج السوق. أما القرار الآخر الذي تبنته الدولة وكان له تأثير لا يقل سوءا عما سبق فهو دعم الدينار العراقي مقابل الدولار الاميركي بطريق مباشر، من خلال عمليات البيع المسطير عليها التي يقوم بها البنك المركزي العراقي. وهذا يعني ان الاقتصاد المحلي لن يعمل على توفير فرص عادلة في سوق تنافسية، بل يكون خاضعا لسيطرة الدولة ومستنزفا لمقدراتها في عملية ذات تأثير دعائي قصير المدى، لكن بعواقب وخيمة على المدى البعيد. فماذا يحصل إن هبطت اسعار النفط حتى لم يعد بإمكان الدولة دعم الدينار؟ إن هبوط سعر الدينار المفاجىء سيوف يقود الى تفاعل متسلسل من التضخم والمزيد من الهبوط في القيمة قد لا تتوقف عند حد في فترة وجيزة. كما ان استمرار الدولة في تقنين الدينار هو مجرد استمرار لفعاليات كان يمارسها النظام السابق ويقع على خط التضاد مع أفكار السوق الحرة التي من شأنها ان ترفع من قدر الاقتصاد وتحقق التنمية المستدامة على المديين المتوسط والطويل.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<i><b>الإصلاح</b></i></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وعلى هذا فاني اخلص الى ان على الدولة، إن أرادت أن تحدث إصلاحا حقيقيا، أن تتخذ قرارا شجاعا بوقف دعم الدينار، وان يكون ذلك على مراحل مدروسة بعناية لتجنب التسبب بتضخم مفاجىء يؤثر على الاقتصاد المحلي بشكل حاد ضمن مدى زمني قصير. ويجب ان يتزامن مع هذا الإجراء توفير أجواء صحية للقطاع الخاص ووضع آليات محكمة للقضاء على الفساد الإداري والمالي وتقليصه الى الحد الادنى. وبالمثل يتوجب إعادة النظر في سلم رواتب الموظفين بما يحقق العدالة في توزيع واردات الدولة بين كافة شرائح المجتمع، وليس بين العاملين لديها فحسب. وتشمل هذه العملية دراسة إمكانية تحويل بعض المعامل والمنشآت الحكومية الى القطاع الخاص من اجل إعادة تأهيلها وتشغيلها والاستفادة من قدراتها المادية والبشرية. ويمكن تحويل الفائض النقدي من هاتين الخطوتين الى صناديق لدعم الصناعة والزراعة بشكل قروض ميسرة، وبشروط تضمن توفير فرص العمل لشرائح أكثر من المجتمع. وهنا يجب التنويه الى ضرورة إصلاح القطاع المصرفي وجعله أكثر دينامية في مواكبة حركة السوق الحرة التي نتوخى الوصول إليها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إن التفكير الضيق في المصلحة الحزبية لا يؤدي الى اكثر من دعم شعبي محدود ولفترة زمنية وجيزة. لذلك اذا كان للاحزاب السياسية ان تطمح في التربع على عرش السلطة لمدة طويلة، فان عليها ان تلجأ الى الوسائل ذات المردود طويل الامل وان تصمد امام العواقب والعراقيل المرحلية. إن أفقك في السلطة هو ليس إلا انعكاس لمنهجك في الحصول عليها. وكلما كانت نظرية السلطة لديك اكثر شمولا، كان التقبل الشعبي لك أوسع، وبالتالي كانت عوامل البقاء السياسي تميل لصالحك بشكل اكبر. وقد أثبتت تجارب التاريخ إن أكثر الحكومات استقرارا تلك التي تولي جلّ اهتمامها للتنمية والتطوير الاقتصادي، على العكس من الحكومات التي انشغلت بالتطاحن الحزبي واستدراج الأنصار بالمنافع المباشرة على حساب المصلحة العامة، حيث لم يكتب لها البقاء لمدة طويلة في عمر الزمن.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-45984918660899830022011-07-09T20:41:00.000+03:002013-09-20T01:28:49.040+03:00حضور النموذج العراقي في الربيع العريي<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
قال احد المشاركين في برنامج حواري بث على احد القنوات الفضائية العربية ان شرارة "الربيع العربي" انطلقت من العراق، فقاطعه المذيع بالقول "ان شرارة الربيع العربي انطلقت من تونس، من حادثة ابو عزيزي وما تلاها من احداث في الشارع التونسي". فخطر لي سؤال: لماذا لم تنطلق شرارة الربيع العربي من العراق؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
والحقيقة ان لا احد تقريبا يشير الى تجربة العراق المريرة في عام 1991، عندما انتفض الشعب العراقي من شماله الى جنوبه ضد حكم الطغيان الصدامي الذي اذاقه الامرين من حروب طاحنة ومغامرات غير محسوبة ادت الى فقدان مئات الالاف من الارواح البريئة، اضافة الى تفرد "القائد الضرورة" بالسطة واسكاته لكل معارضة بطرق وحشية، ليس اقلها الحرمان من بركات النظام، وليس اكثرها الترحيل والسجن والتغييب والاعدام، مرورا باساليب التحقيق المروعة في زنزانات اجهزة الامن التابعة للنظام.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
خرج الشعب في ثورة غير مسبوقة في العالم العربي على حاكم جائر بعد ان ادت مغامرته في الكويت الى تحطيم البلاد ماديا ومعنويا نتيجة الهزيمة المذلة التي وضعها فيها النظام، وما رافقها من بوادر للعزلة الدولية التي سوف تستمر الى حين سقوط النظام بعد اثنتي عشرة سنة من تلك الثورة الشعبية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ثورة بدأها جندي في البصرة بان صوب ماسورة دبابته في وضح النهار الى صورة كبيرة لـ"القائد الرمز" ودمرها بقذيفة ربما تكون آخر ما بقي لديه من ذخيرة، وهو ما لم يجرؤ عليه من قبل أي مواطن عراقي. وفجأة تحطم حاجز الخوف، وسرعان ما تهاوت اركان النظام في معظم انحاء العراق، من الشمال الى الجنوب، مرورا بضواحي بغداد، وباتت البلاد تعيش اجواء الثورة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لم تكن تلك الثورة سببا لانهيار النظام الصدامي، ولم تصبح مثالا لشعوب المنطقة العربية التي ترزح تحت انظمة شمويلة مماثلة. بل ان تلك الانتفاضة ربما ادت في الواقع الى تأخير الربيع العربي عشرين عاما اخرى. حينما رأت الشعوب العربية مقدار القمع الذي مارسه النظام على الشعب الذي تجرأ على رفع صوته في وجهه. ربما تكون الشعوب العربية قد وضعت في حساباتها ان انظمتها الحاكمة سوف لن تكون افضل في تعاملها مع مثل هذه الحركات من النظام الصدامي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن سقوط النظام في العراق عام 2003 على ايدي قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وما تلاه من تحرر نسبي للعراقيين على مستويات عدة، بدءا من حرية التعبير عن الرأي، الى المشاركة في صنع القرار عن طريق الانتخابات البرلمانية والمحلية، كل هذا لم يكن هو الاخر سببا مباشرا في تحريك الشارع العربي للمطالبة بالمزيد من الحريات وتحسين اوضاعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ومرة اخرى يطرح السؤال نفسه، لماذا لم يصبح العراق مثالا للشعوب العربية؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
قد يكون الجواب على ذلك سهلا، نظرا لان العراق مرّ بفترات مظلمة بعد الغزو الاميركي وعانى من تفشي الارهاب وتدني مستوى الامن وسيطرة بعض العصابات على مقدرات الدولة وحتى التمكن من الوصول الى هرم السلطة والتأثير على عملية صنع القرار. كذلك شهد العراق شيوع الفساد الاداري في كافة مفاصل الدولة حتى صار امثولة في التقارير الدولية، التي لاشك ان المثقفين العرب، وحتى رجل الشارع، قد اطلعوا عليها وربطوها برد فعل انعكاسي بالتحرر والتخلص من نظام الاستبداد الشمولي. وربما ساورت الشعوب العربية المضطهدة الشكوك بانها قد لا تكون افضل حالا ان ازاحت جلاديها عن سدة الحكم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومرة اخرى، قد تكون الاحداث في العراق بعد 2003 قد امدت من عمر حكام العرب المتسلطين على رقاب شعوبهم. لم يصبح العراق مثالا لهم لانه لم يكن يعط صورة المثال المطلوبة من بين الفوضى العارمة التي اعترته، رغم ان التغيير في العراق قد احدث نقلة هائلة في حياة الشعب العراق، من الناحيتين السياسية والاقتصادية على الاقل. لكن الفشل في كبح جماح الفتن على المستوى الاجتماعي، والذي اثارته المطاحنات السياسية، قد افضى الى تصوير العراق على انه بلد لا يمكن ان تحكمه الا دكتاتورية قادرة على التعالي على الخلافات الطائفية والعرقية، شأنه في ذلك شأن بقية شعوب المنطقة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على كل حال، فان الانتفاضات العربية قد لا تكون "ثورات" مجيدة بكل معنى الكلمة، ولكنها بكل تأكيد حركات بوجه الطغيان استقت مدها بعيدا عن تجربة العراق، وان كانت تسعى حقيقة الى ان تصبح مثله في اقل تقدير. ربما تكون اركان الحكومة قد سهلت عملية ازاحة زين العابدين بن علي عن السلطة في تونس، وقد يكون دور الجيش المصري اكبر من يبدو في دعم انتفاضة ساحة التحرير واجبار حسني مبارك على التنحي. لكن ذلك لا يقلل من شأن الرجال والنساء الذين تجرءوا على التجمع والتظاهر ومقارعة اجهزة هذه النظم القمعية التي لا تعرف الرحمة في تعاملها مع مثل هذا الوضع. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وفي اليمن لا يزال مئات الالاف من المتظاهرين يملأون الشوارع والساحات مطالبين بتنحي علي عبد الله صالح عن الحكم، والتحول الى نظام ديمقراطي حقيقي يقوم على حرية التعبير والتعددية ويحارب الفساد ويوفر الخدمات لشعبه ويعمر مدنه ويقوده الى الرخاء والازدهار. لا اشك ان الثورة في اليمن سوف تنجح في نيل مسعاها على الرغم من تمسك الرئيس ببراثن السلطة الى آخر يوم، ولجوءه الى اساليب اصبحت بالية في زمن التواصل الفوري الذي نعيشه الان.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وانتفاضة البحرين اكثر خجلا ولكنها وضعت نفسها على خارطة الثورات واجبرت الحكام على الاستماع اليها وتقديم تنازلات لم تكن في مجال التصور قبل فترة وجيزة. ومن الممكن ان يفضي الحوار بين حكومة البحرين ومعارضتها الى تحسين الحريات وتقسيم اكثر عدلا للسلطات في هذا البلد الصغير بحجمه، ولكن الكبير بموارده.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اما سوريا، فهي اشبه ما تكون عراقا عام 1991. المنتفضون في الشوارع يطالبون باسقاط النظام الشمولي، والجيش يهيل عليهم سيل الرصاص والقذائف المدفعية. بشار الاسد يقف في محفله مبجلا من زبانيته وهو يعلن ان الجيش يقوم بعمليات تطهير المدن من "الخارجين عن القانون"، الذين اعلن انهم عشرات الالاف. يعلم العراقيون ذلك، فقد خبروه. اذا تجرأت على الوقوف بوجه الطاغية فانت مجرم ومخرب وارهابي وسيكون الموت لك ولعائلتك ولجيرتك ولكل مدينتك. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
غير ان سوريا 2011 غير العراق 1991. فلم يكن هناك من فيسبوك، ولا هواتف نقالة، كما لم تكن هناك قنوات فضائية. ولم تكن الاحداث في العراق عندها سوى خبرا في الاذاعات عن تحركات المنتفضين الذين لم يعلن لهم صوت ولا صورة، ولم يعلم احد لهم شكل ولا لون. كانوا اناسا من العامة لم يستطيعوا ان يوصولوا صوتهم الى العالم الا مشوها بدعايات مغرضة من اجهزة النظام الحاكم رغم تزعزع اركانه، وبتدخل سمج غير مرحب به من دول اقليمية ارادت الحصول على حصة في كعكة العراق التي بدت دسمة آنذاك.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وحينما ذبحت اجهزة النظام القمعية مئات الالاف من الابرياء واودعتهم مقابر جماعية يندى لها جبين التاريخ، لم يعلم بذلك سوى قلة من الناس خارج العراق، ولم يتحرك احد لفرض عقوبات على شخوص نظام صدام كما يحدث اليوم في سوريا وليبيا. لقد ادى التحول التقني في الاتصالات الى حقن دماء عزيزة في سوريا، كانت سوف تهدر بكل برود لو كان مايحدث الان قد حدث قبل عشرين عاما.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
سوف تنتصر ارادة الشعب السوري آخر الامر. سوف تتعالى الحشود على جلاديها ومن يحصد ارواح ابنائها بالرصاص الحي الموجه الى صدورهم العزل. قد يحدث ذلك بتدخل دولي، ولكنه سيكون على ايادي الرجال الساعين الى التحرر من الفكر الشوفيني الذي لا يرى صوابا في غير افعاله ولا يقبل نقدا لها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على اني ارى ان الحركة الليبية المسلحة هي خير مثال لما كان ينبغي ان يحدث في العراق عام 1991. فما ان تحرك الشعب وثار على مغتصبي حقوقه حتى اجتمع شمله تحت قيادة موحدة، وأمنت لها موطيء قدم في مدينة بنغازي الشرقية. استطاعوا ان ينشئوا لهم قناة فضائية تنطق باسمهم وعملوا على التواصل مع العالم الخارجي. حتى انهم باتوا قادرين على استحصال بعض التمويل من تصدير النفط ومن المساعات السخية التي تقدمت بها بعض الدول العربية والغربية. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لقد استطاعت المعارضة الليبية المسلحة ان توصل صوتها للعالم، وان تضع قضيتها على طاولة مجلس الامن، واستحصلت الدعم الحربي واللوجستي من دول حلف الناتو، مستفيدة من تخبط حاكم بلدها المخبول معمر القذافي. ويبدو ان الوضع العسكري قد تحول اخيرا لصالحهم بفضل تحسن ادائهم واستمرار ضربات حلف الناتو لقوات القذافي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
كان يمكن لانتفاضة العراق عام 1991 ان تحصل على مثل هذه المكاسب لو كان لها صوت في الخارج، ليس من خلال وسائل الاتصال التي ما كان لها من وجود في ذلك الوقت، بل من خلال رموز المعارضة الذين اتخذوا من عواصم الغرب ملجأ لهم. لو انهم تواصلوا مع الشعب الثائر بشكل كافٍ، ولو انهم عملوا على طرح مسألة وطنهم المصيرية امام المحافل الدولية ومارسوا ضغوطا من اجل ايجاد حلول لها، ربما كان الوضع قد تغير، لكن الساعة لا تعود الى الوراء.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اليوم يلفظ معمر القذافي انفاسه بعد ان ظن انه مخلد في موقعه مع اولاده. وهو اتخذ من شنق شقيقه في الطغيان صدام حسين مثالا على ان بقية الحكام العرب سائرين في نفس الطريق، كما قال لهم ذلك في مؤتمر قمة دمشق. استمعوا له وضحكوا، لانهم اطمأنوا الى ان النار لن تحرقهم يوما، بعد ان شهدت شعوبها ما حدث في العراق بعد سقوط طاغيته. ولكنهم لم يتعضوا ولم يسعوا الى تخفيف قبضتهم الحديدية على السلطة، وافساح المجال لاصلاحات سياسية حقيقية. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اما بشار الاسد فقد يبقى لفترة اطول قليلا، ولكنه لن يكون اوفر حظا آخر الامر. سوف يرحل عن سوريا او ربما سيعتقل ويحاكم، وسوف يتذكر كلمات معمر، ويتمنى لو انه "اخذ الشور من راس الثور" كما يقول المثل العراقي. وسيتراءى له مشهد الحبل الملفوف على رقبة صدام وهو يسأل نفسه: هل كان يجب علي ان اتخذ من العراق مثلا؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
اذا لم يكن العراق مثالا لانتفاضات الربيع العربي فهو موجود فيها بشكل اوبآخر. واذا لم يود احد الحديث عن ديمقراطية العراق، على الرغم من كل اخفاقاتها وسلبياتها، على انها انموذج لنظام حكم يخلف الطاغية الذي يسعون لاسقاطه، فان الخيارات تصبح اضيق بعيدا عنه. وفي آخر الامر، سوف تكون نسخة منقحة من ديمقراطية العراق هي ما يسود المنطقة. سوف يتعظ الجميع من الاخطاء التي وقعت في العراق في طريقهم نحو الحرية والعدالة والمساواة، دون ان يذكروا ذلك. فالعراق كان وسيبقى المثال الصامت لثورات العرب الصدّاحة.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-13723456910602093322011-05-07T09:08:00.000+03:002013-09-20T01:28:57.822+03:00حول اتفاقية الانسحاب..هل من ضرورة لتمديد بقاء القوات الأميركية؟<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأميركية النهائي من العراق بموجب الاتفاقية الأمنية التي وقعت بين البلدين أواخر عام 2008، والتي تنص على مغادرة آخر جندي أميركي الأراضي العراقية بحلول نهاية عام 2011، فان الشكوك بدأت تحوم في إمكانية تطبيق هذا الأمر في واقع الحال. وعبّر العديد من السياسيين والمثقفين فضلا عن شريحة واسعة من أفراد الشعب العراقي عن قلقهم من لجوء الحكومة العراقية إلى طلب تمديد بقاء عدد محدود من القوات الأميركية لحماية الأمن الوطني.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
هذه القضية تأتي في سياق متوافق مع مسيرة كل المشاريع في العراق الجديد. وأعني بذلك مواجهة أصحاب القرار للمسائل الحيوية كأنها حدثت للتو، أو أنها لم تكن موجودة وظهرت للعيان بين ليلة وضحاها. فالكل يعلم بمشاكل العراق المختلفة، بدأ من نقص الخدمات الأساسية، مرورا بتلكؤ مشاريع الإعمار وتفاقم مشاكل البطالة، وليس انتهاءً بعدم جاهزية القوات المسلحة لحماية حدود العراق من الاعتداء الخارجي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن هذا التباطؤ في اتخاذ التدابير اللازمة للوقوف بوجه التحديات التي يمر بها العراق، على المستويين السياسي والأمني، ليس مشكلة الحكومة وحدها. فالتركيبة المعقدة لهيكل الحكومة ربما فرضت عليها نوعا من العجز عن القيام بالأمور العاجلة والاستجابة الفورية للطوارئ، بالإضافة إلى عدم القدرة على وضع الخطط المتأنية للمدى القريب والمتوسط والطويل.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على كل حال، وصلنا اليوم إلى النقطة التي لم نكن نتمناها، وهي خيار طلب التمديد، مع كل الانعكاسات السلبية لمثل هذا الخيار على الوضع الأمني الداخلي، بعد تصاعد التهديدات من القوى المحلية بالعودة إلى المقاومة المسلحة إن تقرر إبقاء قوات أميركية في العراق في ما بعد 2011.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
فهل أن لهذا الخيار ما يبرره أساسا، أو أن اعتماده سيقود إلى النتائج المتوخاة منه؟ إذا كان الإبقاء على قوات أميركية في العراق أمرا ملحا لمنع اعتداء خارجي، فان ذلك يعني بالضرورة أن بقاء هذه القوات سيمتد إلى اجل غير مسمى، خصوصا مع أن ذلك يتماشى مع المصالح الأميركية التي تريد البقاء قريبا من مصادر التهديد لأمنها ومصالحها الاقتصادية. وبما أن إيران هي في الوقت الراهن اكبر تهديد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فان العراق هو خير موقع لمنع إيران من توسيع نفوذها غربا، وبالتالي اكتسابها المزيد من الزخم لتحدي القوة العظمى الأولى في العالم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
إذاً، بقاء القوات الأميركية قد يمنع إيران من التدخل العسكري في العراق، لكنه لن يمنعها من السعي لتوطيد نفوذها في هذا البلد. وقد أضحى العراق، منذ الاحتلال الأميركي عام2003، مجالا حيويا للجمهورية الإسلامية، بعد أن حاصرتها القوات الأميركية من الشرق في افغانسان ومن الغرب في العراق.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لذلك فان التواجد العسكري الأميركي في العراق قد يدفع إيران إلى استئناف دعمها الجماعات المسلحة في أجزاء عديدة من العراق لتقويض الجهود الأميركية في مساعدة الحكومة العراقية، ولإحداث خسائر كبيرة بين صفوفها، الأمر الذي سيجبر الولايات المتحدة على الانسحاب النهائي من العراق. فقبل كل شيء، جاء قبول أميركا بجدولة انسحابها من العراق بعد تصاعد الغضب الشعبي داخل الولايات المتحدة على الحرب في العراق، بعد تفاقم الخسائر البشرية والاقتصادية الأميركية، حتى بات الرأي العام الأميركي يعتبر هذه الحرب غير ضرورية ولا مبررة. وإذا كانت القيادات الأميركية قد طلبت من العراق تحديد موقفه من رحيلها أو تجديد الاتفاقية الأمنية، فإنها إنما تنظر إلى الأحداث الراهنة، حيث لم تعد تعاني خسائر فادحة في الأرواح والنفقات. لكن مراجعة سريعة للأحداث في السنوات القليلة الماضية تكشف عن الكابوس المرعب الذي كان على الجنود والقادة الأميركيين التعامل معه كل يوم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على أن التهديد الأمني الإيراني للعراق قد يكون أمرا مبالغا فيه. فمثل ما تؤكد المقولة المأثورة: "ليست هناك صداقات دائمة أو عداوات دائمة بين الدول، بل مصالح دائمة"، فان مصلحة إيران الدائمة هي في تجنب النزاع مع العراق، وهي مصلحة دائمة للعراق أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فان الإمكانات العسكرية العراقية المتاحة حاليا قد تكون كافية للتعامل مع حالات التحرش على الحدود، كما أثبتت ذلك في العديد من المناسبات السابقة. وإذا كان السؤال عن تحدٍ امني اكبر من ذلك، مثل الغزو أو الاجتياح، فالجواب ليس في إبقاء القوات الأميركية، بل العمل جديا على تجهيز القوات المسلحة الرادعة لمثل هذا التهديد، في غياب القوات الأميركية. نعم سوف يستغرق هذا الأمر سنين عدة من التجهيز والإعداد والتدريب، لكنه سوف يسير بخطىً ثابتة وبمراحل محكومة بأولويات المخاطر المحيطة، وسوف يقلل من أخطار التهديدات الخارجية في كل مرحلة من هذه المراحل وصولا إلى حالة الاستقرار الأمني التام.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بطبيعة الحال، ليست إيران وحدها ما يمثل تهديدا كامنا لأمن العراق، بل ربما تكون جميع الدول المجاورة تهديدا محتملا، خصوصا الجارة التركية التي طالما أرسلت قواتها داخل الحدود العراقية بذريعة تعقب معارضيها. ويصح هنا ما أسلفنا من ضرورة التصدي لهذا التهديد بالتجهيز المتعدد المراحل لجيش العراق وتمكينه من الوقوف بوجه هذه التهديدات بالصورة المناسبة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أما التهديد الأمني الداخلي، فمن الواضح أن القوات الأمنية العراقية قد أصبحت العنصر الأساسي في التعامل معه، ولم يعد للقوات الأميركية سوى دور محدود فيه. لقد تزايدت الثقة الشعبية بأداء القوات الأمنية منذ نجاحها في إخماد الفتن الطائفية قبل أعوام قليلة، وارتفعت معنويات هذه القوى الأمنية ومستوى تدريبها وتسليحها بحيث لم تعد هناك حاجة أساسية لمعونة خارجية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
كما أن من المستبعد حدوث سيناريو متشائم، بعودة العنف إلى بعض مناطق العراق التي ما زالت تعاني تواجد فلول القاعدة بين ظهرانيها، أو تعرضه إلى اعتداء غاشم من الدول المجاورة، بسبب تغير الظروف الجيو-سياسية في منطقة الشرق الأوسط، وخروج الشعوب العربية بالخصوص بوجه أنظمتها المتعسفة للمطالبة بالمزيد من الحريات. فإن تحققت مطالب هذه الحركات الثورية سيكون ذلك بمثابة تطمين مضاف للهواجس من انتكاس الوضع الأمني في العراق، طالما أن الأنظمة الجديدة ستكون اقل دكتاتورية إن لم تكن أكثر ديموقراطية. ومن المعلوم أن الأنظمة المنفتحة تميل إلى نبذ العنف أو مساندته في علاقاتها مع الدول الأخرى وتفضل تشجيع حركة التبادل الاقتصادي في ما بينها، والتي تعود بنفع اكبر على الشعوب من المغامرات غير المحسوبة للحكومات المتسلطة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وعلى هذا أخلص إلى القول انه ليست هناك من حاجة ملحة لتمديد بقاء القوات الأميركية في العراق، سواء حافظا على الأمن الداخلي أو الدفاع عن حياضه أمام تهديد خارجي. وقد آن الأوان لان يكون العراق، مرة أخرى، بلدا مستقلا معتمدا على ذاته في تحقيق أمنه ورفاهية شعبه، وان تتحمل حكومته وشعبه مسؤوليتهما في هذا الشأن بدون تأثير سياسي أو عسكري قادم من الخارج، حتى وان كان ذلك من أصدقاء ساهموا في تحرير العراق من الطغيان ووضعه على جادة الحرية والديمقراطية.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-22966482499541977292010-07-14T17:11:00.000+03:002013-09-20T01:29:08.221+03:00قول في الازمة السياسية العراقية: العود احمد<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بعد ان تقرر، بطريقة غير واضحة تماما، تأجيل جلسة البرلمان لمدة اسبوعين، وهي الجلسة التي أبقيت مفتوحة على مدى شهر كامل بدون سند قانوني، بعد كل ذلك دخلت البلاد في حالة من الفراغ الدستوري والفوضى السياسية المتمثلة بالتأويل العشوائي للدستور والقاء التفسيرات القاطعة لفقراته من قبل كل من هبّ ودبّ، وبات المواطن في حالة من عدم اليقين حتى بدأ يتساءل عن جدوى العملية السياسية اذا كانت في نهاية الامر تصب في مصلحة الفئات السياسية المتنازعة بدلا من خدمة الشعب الذي هو الاساس الشرعي للسلطات كافة حسب المفهوم المبسط للديمقراطية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لاشك ان نتائج الانتخابات كانت غير حاسمة واعطت لكل من الفرق الفائزة فيها بارقة امل في الاستيلاء على السلطة، او ان يكون لها –في الاقل– القول الفصل في تشكيل الحكومة، وان اقتصرت النقاشات منذ ان بدأت النتائج الاولية بالظهور ولحد الان على اختيار شخص رئيس مجلس الوزراء من بين القوائم الفائزة. تلك هي العقدة التي تقف عندها كل المفاوضات بين كافة الاطراف السياسية، وهي التي تحدد بالتالي الكيفية التي سوف توزع فيها بقية المناصب الرئاسية والوزارية.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ولعل الدستور العراقي قد ساهم في تعميق الجدل من خلال الافتقار الى النص الحاسم وعدم وضوح الصيغ اللغوية-القانونية بما لا يدع مجالا للشك. لكن قبل القاء اللوم على فقرات الدستور علينا العمل بعرف قانوني معروف يتمثل في محاولة استكناه روح التشريع والقصد منه بدلا من الاستغراق في تفسير كلمات بعينها ضمن نص واحد. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
فقد اولى الدستور في فصله الثاني موادا مفصلة كثيرة (المواد 63-72) تحدد طريقة انتخاب رئيس الجمهورية ونوابه وصلاحياته وامتيازاته ومدة ولايته والاجراءات المتبعة عند خلو المنصب. كما انه ينص على وجوب "ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ اول انعقاد له (اي البرلمان)." (المادة 69-ب) ونحن نعلم انه تم تجاوز هذا الاستحقاق الدستوري بمرور المدة القانونية دون تحريك ساكن في هذا الاتجاه، كما تم التغاضي عن انتخاب رئيس مجلس النواب في اول جلسة يعقدها البرلمان كما نص الدستور (المادة 53)، بدعوى الجلسة المفتوحة!</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وارى ان هذا الالتفاف على الدستور ليس الا مخالفة لايمكن تبريرها بطريقة مكيافيلية تنظر الى الغايات وتغض النظر عن الوسائل. ووجه الخطر في هذا الامر يتجاوز تأخير تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب بين الفرقاء السياسيين الى الاحتكام الى الارتجال في التفسير والاستعلاء على الدستور بدعوى الضرورات المرحلية. ولاشك عندي في ان هناك ضرورات وتحديات مرحلية سوف تستجد في اي وقت في المستقبل يمكن تستدعي تأويلات قسرية واعتباطية للدستور متمثلة بالسوابق التي يضعها سياسيونا اليوم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
يمكن تتبع القصد التشريعي من خلال النظر الى الطريقة التي صممها المشرع لاختيار المناصب الرئاسية: اولا رئيس مجلس النواب في اول جلسة، ثم رئيس الجمهورية خلال ثلاثين يوما، ثم تنص المادة 73 اولا على: "يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية." لا يبدو لي ان هناك نية تشريعية لوضع المناصب الرئاسية الثلاثة في سلة واحدة وهو ما يريد ان يقوم به سياسيونا اليوم. والانكى انهم جميعا ساهموا بشكل او بآخر في كتابة هذا الدستور وتمريره، فلماذا لم يضعوا مثل هذا الشرط عندذاك لكي تأخذ هذه القضية شكلا قانونيا لا غبار عليه؟ لعل الجواب على ذلك يكمن في الحرج الذي كانوا سيقعون فيه، لان انتخاب الرئاسات في سلة واحدة هو اشارة واضحة للمحاصصة الطائفية التي ارادوا ان ينأوا بانفسهم عنها تشريعيا وان مارسوها في واقع الحال. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أي ان التشريع الدستوري اتجه لرفض التوزيع الطائفي والعرقي للمناصب من اجل الحفاظ على وحدة مكونات الشعب المختلفة تحت راية وطنية واحدة. اذا كيف يمكن تفسير الالتفاف على التشريع بطريقة تلغي الهدف منه من الاساس؟ ويبدو لي ان المشرع اراد ان يضع مواقيت محددة لتجنب الوقوع في هذا الشرك. والان نحن واقعون فيه فكيف الخروج؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لا احد يدعي ان هناك وصفة سحرية يمكن ان تضع حد للازمة السياسية الحالية. ولكن عندما تستعصي الامور لابأس في العودة الى الاصول. واذا كان النزاع الحالي في شخص رئيس الحكومة المقبل فلنناقش ما ارادنا الدستور ان نفعله قبل ذلك: انتخاب رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية. لابد ان المشرع اعتقد ان هذين المنصبين لا يقلان اهمية عن منصب رئيس مجلس الوزراء طالما كان هذا الاخير مسؤولا امامهما. ولو تم استيفاء هذين المنصبين حقهما في الدورة البرلمانية السابقة لما كنا امام ازمة سياسية اليوم. فمنصب رئيس الوزراء، الذي حظي بصلاحيات واسعة مقابل حصانة شبه تامة من المسائلة في المرحلة السابقة، بات اكثر اهمية بما لايدع مجالا للمقارنة. وهكذا اصبح هناك شعور عام بين الفرقاء السياسيين بان فقدان هذا المنصب يعني عمليا عدم الحصول على شيء، الامر الذي لا يعبر عن روح الديمقراطية والحكم الجماعي ودولة المؤسسات.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وان حدثت في قادم الايام حلحلة للموقف السياسي وتم الاتفاق على ما يبدو مستحيلا اليوم فسوف يكون ذلك على حساب تقديم تنازلات بين الاطراف المختلفة مقابل الحصول على امتيازات. أي ان تشكيل الحكومة سوف لن يكون بدواعي خدمة المصلحة الوطنية العليا، وانما حسبما تقتضي مصالح الاطراف السياسية المشاركة فيها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومن جهة اخرى، فان مثل هذه الحكومة، التي سوف تسمى حكومة الوحدة الوطنية، ستكون بعيدة عن المسائلة امام البرلمان بسبب طريقة تشكيلها، التي توزع المناصب بين الفرقاء السياسيين على اساس الحصص والنقاط وتكبل بالتالي قدرة البرلمان على توجيه النقد لرئيس مجلس الوزراء مثلا، فضلا عن سحب الثقة عن حكومته باكملها. وقد كان هذا الامر سببا رئيسا في فشل الحكومة المنصرفة في تلبية احتياجات الشعب والخروج بمنجزات واضحة للعيان.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
على اني ادرك انه من غير الممكن استدراك هذا الامر الان. ولا يمكن العودة الى ما قبل شهر وتنفيذ فقرات الدستور كما اقرت. بل انه لابد من المضي في الرهانات السياسية الى خواتيمها. فبعد تأجيل جلسة البرلمان مدة اسبوعين، لا يبدو ان هناك مشروع لاتفاق من أي نوع. سوف تلجأ الكتل السياسية الى ايجاد عذر آخر للتأجيل لكسب الوقت من اجل المزيد من المزايدات السياسية على امل استسلام احد الاطرف امام الضغط الشعبي او النفسي. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
غير ان من الممكن عكس الازمة وايجاد حل عادل ربما يرضي جميع الاطرف. وربما يكون هذا الحل في اساسه مثاليا اكثر من اللازم، ولكن من الممكن ان يكون لدى كل من الاطراف المتنازعة نوعا من المثالية تتيح لبعض الحلول التي تبدو غير واقعية فرصة للتحقق. ومن عادة الناس نسيان الاصول التي بدأوا بها، ولكنهم عادة ما يثيبون اليها اذا ما ذكروا بها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ان جميع المرشحين لمنصب رئيس الوزراء كانوا شخصيات وطنية خاضت غمار المعارضة لاعتى نظم الحكم الدكتاتوري في العراق، وهم ضحوا بالغالي والنفيس خدمة لهذا الوطن الذي لا اشك انهم احبوه ولم يتوانوا في تقديم انفسهم فداءا على مذبحه. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
واقتراحي يتلخص بان يقوم كل من هؤلاء المرشحين بسحب ترشيحه للمنصب متيحا المجال لشخصيات سياسية جديدة ان تأخذ دورها في قيادة البلد. وان قيل ان المرشح انما يمثل حزبا او كتلة برلمانية تشعر ان المنصب من حقها، فاني اجيب بان ذلك سوف يكون امرا تجب مناقشته تحت قبة البرلمان بحضور كافة اعضاءه، الذين لا يعدون اليوم الا ارقاما للتصويت، وليسوا اصواتا للشعب. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ان مبادرة وطنية مثل هذه سوف تحسب لجميع المرشحين على السواء، كما انها يمكن ان تعيد الثقة بالعملية السياسية برمتها، وتدفع بعجلة الديمقراطية اشواطا طويلة للامام. وليتذكر الجميع ان ركيزة الديمقراطية الاساسية تقبع عند مستوى الناخب، وان واجب المرشح الاول هو الاستماع له. واريد ان اشدد هنا على ان الناخب غير راض عن المسيرة السياسية العرجاء. واذا ارادت الاطراف المتنازعة الان البقاء في مواقع المسؤولية فمن الحكمة ان تغير الطريقة التي تعمل بها، وان تبدأ في الاستماع الى من اوصلها الى تلك المواقع في الاصل.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-55742954165116577382010-02-07T05:11:00.000+03:002010-02-11T03:39:47.279+03:00تنظيم القاعدة بين عشوائية الفكر واعتلال المنهجالسادس من تشرين الثاني، 2009. الميجر نضال مالك حسن، المواطن الاميركي من اصل فلسطيني، يفتح النار في قاعدة فورت هود، بولاية تكساس، على زملائه من الجنود الذين يستعدون لنشرهم في افغانستان فيقتل ويصيب حوالي خمسين منهم قبل ان تنال منه الاطلاقات الدفاعية، وان لم تؤد الى قتله. <br />الخامس والعشرين من كانون الثاني، 2006. يوم عيد الميلاد. المهندس الشاب عمر فاروق عبد المطلب، المواطن النيجيري الذي حصل على درجته الجامعية من بريطانيا، يحاول ان يفجر طائرة نورويست قبيل هبوطها في مطار ديترويت، لولا تدخل ركاب الطائرة ونجاحهم في منعه من اشعال صاعق القنبلة التي كان يحملها في ملابسه الداخلية.<br />الثلاثين من كانون الثاني، 2009. الطبيب هشام البلوي، المواطن الاردني المقيم في افغانستان يفجر نفسه وسط حشد من ضباط السي آي ايه فيقتل سبعة منهم بالاضافة الى ضابط مخابرات اردني من العائلة المالكة.<br />ثلاثة احداث وقعت خلال شهرين في ثلاث مناطق مختلفة، لكن يربطها جميعا رابط واحد: تنظيم القاعدة. وكما هو متوقع فان اسم القاعدة يرتبط بالتفجيرات والعنف والتحريض عليه، وباستحلال سفك الدماء تحت مبررات عديدة، بعضها مجرد استغراق في الاستعمال الى حد الاستهلاك. <br />غير ان من المؤكد ان لدى القاعدة اهدافا تتجاوز مبررات افعالها التي يقشعر لها البدن، ويندى لها الجبين. فماهي هذه الاهداف، وما هي الغاية التي تسعى القاعدة لتحقيقها بلا كلل ولاملل؟ هل هي لتحرير فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي؟ ام من اجل تحرير العراق وافغانسان من الاحتلال الاميركي؟ هل تهدف القاعدة لتحرير المستضعفين من الظلم والعدوان، ام لاقامة كلمة الله على الارض؟ هل تريد القاعدة ان تحيي الدين الذي تؤمن به، ام انها تخلق دينا جديدا تفرضه على البشر اجمعين؟<br />بدءا، لا يمكن فهم فكر تنظيم القاعدة على نسق الاصول التقليدية للفكر الانساني. فاي محاولة لتطبيق الجدل المنطقي على ادبيات القاعدة، بالاضافة الى نشاطاتها العنيفة غالبا، لابد ان تبوء بالفشل، بسبب ابتعاد تلك الادبيات والنشاطات عن العرف السائد في طرح الفكرة ومناقشتها. فهذا التنظيم لا يلجأ الى طرح الحجج المنطقية واستخدوم اساليب الاقناع المتعارفة، بل يتمترس بقداسة النصوص السماوية، معتبرا الخوض فيها خروجا عن اصول الدين، وبالتالي يتوجب الاذعان بدون مناقشة او محاججة. وهو غالبا ما يعمم المخصص عند تناوله للنص المقدس. كما ان القاعدة كفكر كثيرا ما تخرج في ادبياتها من مقدمات هزيلة بنتائج يقينية، بدون الحاجة الى الفحص والبرهان. وهي لا تحض على التفكر والتأمل، بل على الثأر والانتقام. <br />لنعد الى الاحداث التي اشرت اليها في صدر هذا المقال، حيث ذكرت ان الرابط فيها هو تنظيم القاعدة. لكن ما يدعو الى التأمل هو قدرة القاعدة على تجنيد نخبة الناس من اجل تحقيق مكاسب آنية، تتمثل في ضرب اهداف عشوائية لا تخرج منها باكثر من تهليل اعلامي بين انصارها، بغض النظر عن الاستنكار الواسع النطاق لهذه الافعال بين ابناء دينها وقوميتها العربية في الاصل.<br />بل ان ما يدعو للعجب اكثر من ذلك عدم سعي القاعدة لاستثمار تلك النخبة من اجل اهداف ابعد مدى، تعود عليها بفائدة اكثر ديمومة. لكن قادة القاعدة لا يرومون، فيما يبدو، ان يحققوا غاية ما. فهم لايريدون ان يقيموا دولة تدعو لمفاهيمهم ومبادئهم. وهم فشلوا في الاحتفاظ بتلك الدولة حينما استطاعوا فعلا ان يقيموها في افغانستان. هذا الفشل لم يكن بسبب العدوان الاميركي-الاطلسي عليهم، بل بسبب تعديهم على هذا الحلف الذي لا يشق له غبار في سوح الحرب الكبرى. ربما نجحوا في قض مضاجع الاميركيين والغربيين في العراق وافغانستان والصومال واليمن، لكنهم لم يستطيعوا ابدا ان يغيروا مجرى الاحداث بما يحقق امانيهم، او ان يحولوا مسار التاريخ لتمجيدهم.<br />كنت قد كتبت مقالا بعد هجوم الميجر نضال في قاعدة فورت هود، نشر على صفحات (المدى)، حاولت فيه ان استكنه سبب الهجوم ودوافعه. وقد خرجت بنتيجة ان الهجوم لم يكن من تدبير القاعدة، وان كان بوحي منها. واستندت في ذلك الى انه لو كانت القاعدة جندت الضابط الاميركي لخدمتها، ما كانت لتتخلى عنه من اجل ضربة خاطفة، مهما تكن موجعة. فذلك الطبيب الاميركي كان سيرسل قريبا الى افغانسان، وبالتالي فسوف يكون مصدرا مهما للمعلومات بالنسبة للقاعدة، يغذيها بما يجنبها الضرر، وما يعود عليها بالنفع. لكني كنت حتى ذلك الوقت ارى ان لابد للقاعدة من فكر تنظيري، وان عسر على الفهم.<br />واليوم بت اعتقد انها خلو من مثل هذا المنهج الفكري. وانها لا تعدو ان تكون عودة بالدين الاسلامي الى عهد الجاهلية، الى الغزوات البدوية التي لا يبررها سوى الرغبة في التسلط والتسيد بقوة السلاح. يستقي هذا التنظيم افكاره المشتتة من احداث بعينها، ليبني عليها نظرية اصولية متطرفة، بل عنصرية شوفينية مقيتة لا ترى صلاحا في الاخر، تحل قتله بلا وازع من ضمير، او رادع من دين.<br />في اوائل فترة الغزو الاميركي للعراق، وقعت وثيقة موقعة من ابي مصعب الزرقاوي، قائد هذا التنظيم في فرعه بالعراق، بايدي المخابرات الاميركية. تحث هذه الوثيقة على قتل ابناء الطوائف العراقية من اجل خلق الفتنة بينهم، وجرهم الى حرب اهلية. ولو كان الهدف من ذلك الوصول بقادة القاعدة الى سدة الحكم في العراق لهان الامر. لكن تلك الوثيقة لم تدعُ الى ذلك مطلقا، كان كل ما ارادوا هو ان يقلقوا الاميركيين في العراق، قبل ان تتولى حكومة عراقية مقاليد الامر في بلادها، فيصبح من العسير القيام بهذا الامر بعد ذلك. لقد خاب ظن الزرقاوي في كلا الامرين، وان نجح في زرع فتنة عصفت بالعراقيين عامين مريرين.<br />جندت القاعدة في العراق شيوخ قبائل واطراف القوم، ولو كان لها فكر لبيب لاحتفظت بهم. انقلبوا عليها بعد ان رأوا ظلمها ووحشيتها وتجردها من الانسانية، فضلا عن خلوها من الهدف والغاية التي تحرك افعالها. لا اعتقد ان مجالس الصحوة في غربي العراق ومناطق اخرى هي من شطحات افكار القادة الاميركيين، بل اكاد اجزم انها وليدة انقلاب حقيقي على الربيب الذي صار سيدا لا ينازع في ارضهم وبلدهم. هُزمت القاعدة في غرب العراق لانها لم تسعَ للنصر، بالحكمة القيادية والحنكة السياسية، بل بالتسلط والتزمت واستغلال الموارد المتاحة بنفس الطريقة التي كان الاستعمار يفعلها في غابر الزمان. تحرر غرب العراق من استعمار القاعدة بثورة شعبية، بعد ان خاب الظن بالمحتل، الذي تجسد له بصورة المخلـّص.<br />الطبيب الاردني حمل معلومات قيمة للاستخبارات الاميركية والاردنية، على زعم ضباطهما. لاشك انه خدم القاعدة التي جندته من قبل اكثر من ذلك، من خلال صلاته بالاميركيين في افغانستان. لكن ذلك لم يمنع القاعدة من الاستمرار في العمل معه وتجنيده لعملية محدودة الاثر، وان كانت ذات تأثير نفسي ومعنوي كبيرين، وصدى اعلامي واسع النطاق.<br />يصف زملاء عمر فاروق، الشاب الذي همّ بتفجير طائرة عيد الميلاد، بانه لمّاح ذكي. وهو يتحدر من اسرة ثرية وشغل ابوه مناصب مرموقة في بلده. اذا، لماذا لا تحاول القاعدة ان تستثمر هذه الامكانيات لخلق جديد من قادتها؟ لماذا لا يظهر دم جديد لقيادة القاعدة، قوامه اطباء ومهندسين وحملة شهادات جامعية، يمكن التنظيم من مواجهة تحديات العصر؟ لان قادتها لا يتخلون عن قيادتها حتى يقضي الله امرا كان مفعولا. انهم منشغلون في التخطيط للعملية تلو الاخرى بدون ان يكون لهم هدف من ذلك سوى رغبتهم الذاتية وشعورهم الآني بالعظمة. قد يفطن القاريء الى ان هذا هو بالضبط نهج الدكتاتورية، سوى ان تلك تهدف الى الابقاء على شخص الحاكم في سدة الحكم. وارى ان قادة القاعدة ينسبون لانفسهم وضعا حاكميا على اتباعهم في ارجاء المعمورة. هؤلاء الاتباع ليسوا شعبا، ولا يقطنون وطنا. انهم مريدون لفكرة تمخض عنها وضعهم البائس، عصفت بهم الازمات، والمت بهم المصائب، فلجأوا الى عصبة التطرف وظلمة الانغلاق. انهم اناس عاديون حولتهم العولمة، والثورة المعلوماتية الى جهابذة الفكر. بات حصولهم على ظاهر العلم سهلا يسيرا، فتخلوا عن اصولية المدرسة وتهذيب المعلم، حتى صاروا معلمين انفسهم. <br />لا تفتأ القاعدة ومريدوها من دعوات القتل والسفك الجماعي للدماء، مهما كانت الضحية. ان كان قتلى خوست ضباط مخابرات من الاعداء، واذا كان جنود فورت هود محاربين محتملين، فمن هم ركاب طائرة الايرباص فوق ديترويت؟ ماذا جلب قتل ضباط المخابرات والجنود في المعسكر لعناصر القاعدة؟ المزيد من القوات. المزيد من القتال المنهك، الذي يأكل ضحايا من المدنيين الابرياء العزل اضعاف ما يفقده طرفي النزاع. <br />ليس للقاعدة من غاية. قادتها يئسوا من كرسي الحكم، فتسيدوا على رقاب آخرين جرفهم موج عارم الى ضفتهم فصاروا ثلة من الاتباع الذين "ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا." اوجدوا ملة تدعو للقتل على الشبهة، قبل ان تدعو للهداية. ذلك انهم لا منار لهم يهتدي به الناس. عصبة إئتلفت على البغضاء والحقد على الغير، لا على المودة والتراحم بينهم. حينما تخرج امرأة للتسوق في بغداد، او يدلف عابد الى مسجده في بيشاور، يسألون انفسهم أي الطرقات يسلكون حتى لا يتحولوا الى اشلاء في تفجير انتحاري تفخر القاعدة بحمله اليهم. كيف لهم ان يصبحوا انصارها ومواليها؟ ولمن تبث القاعدة رسالتها؟<br />لكن دعوتها في اتساع، واتباعها في ازدياد. انصار القاعدة ليسوا اناسا آمنوا بفكرها، بل هم افرادا مغرر بهم، بهرهم منهجها وبريق دعوتها في الخلاص عن طريق الموت استشهادا. قتل النفس المحرم في كل الشرائع السماوية اضحى اصلا في الدعوة السقيمة لهذا التنظم، ولجأ اليه من ضاقت به الارض وتقطعت به السبل. هؤلاء الاتباع اصبحوا امة تميز نفسها بالايمان وتصم ما سواها بالكفر والضلالة. عصبة القاعدة التفت في عصبية الجاهلية، تجمعها نزعة عنصرية ترى في نفسها تفوقا على الغير يؤهلها لسلب الحياة وتخريب الحرث والنسل. <br />القاعدة حركة عنصرية. ليست عنصرية في دينها، او عرقها، او قوميتها. انها عنصرية في اعتقادها بان لا قيمة لكل من يخالفها، وعدم اكتراثها حتى لحاضنتها. ولهذا يجب ان يحظر فكر القاعدة عالميا، وان تمنع من استخدام الوسائل التقنية والاتصالات الحديثة في ايصال رسالتها الظلامية. يجب ان يُعد كل من يسوق لنهجها ويطبل لافكارها خارجا عن القانون. <br />قد تبدو دعوتي هذه ساذجة. لكني انما ادعو الى ضم الصفوف والمطالبة بموقف عالمي، عن طريق الامم المتحدة، اتجاه هذا التنظيم حتى يبين الخيط الابيض من الخيط الاسود. وان حدث يوما وصنفت القاعدة على انها ليست فقط تنظيم ارهابي، بل على انها حركة عنصرية، فعسى ان يكون ذلك رادعا لمن يدعو لها، ويجردها من ادعاء الشرعية كونها حامي حمى الدين الاسلامي. وحبذا لو تبنت البلدان العربية والاسلامية مثل هذه الدعوة، ليكون لها الصدارة في التصدي لتلك العصبة الفاسدة، ومحاربة نهج التسقيط والتكفير الذي تدعو اليه.Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-16446863758314148242009-11-15T05:37:00.001+03:002013-09-20T01:29:15.134+03:00هجوم فورت هود.. عملاً بطولياً أم انتحاراً دعائيا؟<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
في السادس من تشرين الثاني الجاري فتح الميجر نضال مالك حسن النار من مسدسين آليين على مجموعة من الجنود كانت تستعد لإنهاء معاملات نشرهم في افغانستان، في المركز المعد لهذا الغرض بقاعدة فورت هود، كبرى القواعد العسكرية الاميركية في العالم.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
واصل الميجر اطلاق حوالي مئة رصاصة قبل ان تصيبه ضابطة صف متمرسة على القتال وتوقفه عن قتل المزيد. واسفر الهجوم عن مصرع 12 جنديا ومدنيا واحدا واصابة اثنين واربعين آخرين بجروح مختلفة قد تؤدي ببعضهم الى الإعاقة مدى الحياة. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وعلى الفور بدأت التحقيقات حول اسباب هذا الهجوم المفاجى ودوافعه الخفية وما اذا كان الميجر يعمل بمفرده ام انه كان يتقلى توجيهات او فتاوى تحضه على هذا الفعل. وتشير التقارير الاولية الى ان الميجر نضال مالك حسن، الاميركي المولد والفلسطيني الاصل، لم يكن بالشخص العنيف او المتطرف، رغم ما ذكره زملاؤه في الخدمة من ادانته الحروب في افغانستان والعراق. كما ان جيرانه والاشخاص العاملين معه اصيبوا بالصدمة لما بدر منه، حيث كان ذلك آخر ما يتوقعوا ان يفعله. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقال ابن عم له، يعيش في القدس، في مقابلة تلفزيونية انه كان يعاني التفرقة العنصرية داخل الجيش لكونه مسلماً، على الرغم من تدرجه في سلم الرتب العسكرية ليصل الى رتبة ميجر (وهي تعادل رتبة رائد). وقياسا الى عمره البالغ 39 عاما، وتاريخ انتمائه الى الجيش الاميركي في عام 1997،لايبدو انه قد تأخر كثيرا في نيل هذه الرتبة، وهي علامة واضحة على عدم وقوعه ضحية لتفرقة بسبب الدين او العرق. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وتجري التحقيقات حاليا في علاقته المزعومة مع رجل الدين المتشدد اليمني الاصل انور العولقي، وهو المرشد الروحي لاثنين من المشاركين في هجمات 11/9، هما خالد المحضار ونواف الحازمي. حيث تشير التحريات الى انه اتصل برجل الدين هذا، الذي كان إمام جامع دار الهجرة الواقع بالقرب من العاصمة الاميركية، واشنطن، في اواخر عام 2008. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
غير ان عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي يقولون انهم لم يأبهوا لهذه الاتصالات كون المجير كان يجري تحقيقات لصالح الجيش في ذلك الوقت، واعتبر من الطبيعي ان يقوم بمثل هذه الاتصالات. يذكر ان التدرج في الرتب العسكرية في القوات المسلحة الاميركية يتطلب الحصول على الموافقات الامنية بين الفينة والاخرى، وقد حصل الميجر نضال على درجة (سري)، أي انه لم يبعد سوى خطوة واحدة عن اعلى درجات الموافقات الامنية وهي (سري للغاية)، وهو ما يؤهله الحصول على معلومات سرية وحساسة. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وبناء على ما تقدم لا يبدو ان الميجر نضال كان مرتبطا بشكل مباشر مع خلية متطرفة تعمل على التخطيط لهجمات ارهابية في الولايات المتحدة. ولو كان الامر كذلك فلربما كان سيكون اكثر فائدة لتلك الخلايا من خلال المعلومات السرية التي يمكن ان يقدمها لهم، ولفترات طويلة قبل ان يفتضح امره. فالمكان الذي جرى فيه الهجوم لم يكن مغلقا على العامة، وبالتالي كان بإمكان الكثيرين القيام بما قام به دون الحاجة الى أن يكون برتبة ما في الجيش مثلا. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
أما قدرته على حمل السلاح وادخاله الى القاعدة العسكرية فهو ليس بالامر المعجز كذلك، حيث ان تلك القواعد، التي يقطنها عدد كبير من الناس المدنيين والعسكريين على السواء، لا تخضع الداخلين اليها الى اجراءات تفتيش صارمة. يذكر ان قاعدة فورت هود تضم بين جنباتها اكثر من خمسين الف شخص بين مدني وعسكري. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقال احد الجرحى انه سمع المهاجم يهتف (الله اكبر) باللغة العربية قبيل مباشرته بإطلاق النار على الجنود، وهو ما يدل عادة على هجوم انتحاري. غير ان تلك الشهادة لم تتأكد من شهود آخرين. كما ان هذا الهتاف لا يعني بالضرورة ان تلك العملية كانت (ارهابية). بل ان المسلمين يهتفون (الله اكبر) في مواقف ومناسبات شتى، وليس من العجب ان يقولها شخص يوشك على انهاء حياته، ظنا منه انه بهذا الفعل سوف ينال رضا الباري عزّ وجل. نعم، كان الميجر نضال على وشك ان يُرسل الى افغانستان، وهو ما كان يرفضه علنا. لكنه قام بالفعل بتوكيل محامٍ لغرض إخراجه من الخدمة العسكرية، أي انه اتبع الطرق القانونية للحيلولة دون ارساله للخدمة في حرب يرفضها. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بيد انه كان طبيبا نفسيا في قاعدة فورت هود، وكان يتعامل مع حالات الصدمة التي يعانيها الجنود العائدون من الخدمة في مناطق الحرب. وفي رأيي انه تأثر كثيرا بقصص هؤلاء الجنود عن فظائع الحرب. وكونه اعزبا ويعيش وحيدا ربما اثر في نفسيته وجعلته يعاني الكآبة التي تدفع الى الانتحار في بعض الاحيان. وفي اللحظة التي قرر إنهاء حياته، ربما كان يريد ان يكون هذا الانتحار امرا عاما. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
يضاف الى ذلك انه ربما تأثر بالدعاية المتطرفة التي تجيز قتل الاميركيين والغربيين في أي زمان ومكان باعتبارهم كفارا، فعزم على فعل هذا الامر الذي سوف يجعله من (الشهداء) فينال المرتبة اللائقة في الحياة الآخرة، وينهي في نفس الوقت حياته التي بات يشعر بأنها تعيسة من دون ان يتعرض الى العقاب الالهي لارتكابه جرم الانتحار. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
واذا قيل ان هناك تناقضا حول زعمي انه لم يكن يقوم بعمل ارهابي، ومع ذلك فقد ارتكب فعلا يندرج ضمنه، فإني أجيب بأن ليس هناك من تناقض. فالفعل الارهابي انما يكون باعتناق الفكرة المتطرفة اولا ومن ثم التخطيط للهجوم وتنفيذه. وفي حال نضال مالك حسن، ليست هناك من بوادر الى انه اعتنق الفكرة بدءا، وأرى ان هدفه كان انهاء حياته، لكنه كان مثقلا بالشعور بالذنب ان نفذه بالطرق التقليدية. ومن ثم عمل على ايجاد العذر المناسب من خلال ادبيات التطرف التي وفرت له طريقا سهلا للانتحار من دون الشعور بارتكابه إثماً. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ولا يخلو التاريخ الاميركي الحديث من اناس ارادوا الموت بهذه الطريقة، ونذكر منهم مهاجم الرئيس رونالد ريغان مطلع الثمانينيات، والذي انما اراد ان يكون موته حديثا لوسائل الإعلام وعامة الشعب ويصبح بذلك من المشهورين، بدل ان يلف الحبل حول رقبته في حمام منزله. ان من شأن هذه الحادثة ان تؤثر على وضع المسلمين في الولايات المتحدة كما هو متوقع. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
وقال احد كبار جنرالات الجيش الاميركي انه ستجري مراجعة شاملة لكل الحالات المشابهة لحالة الميجر نضال، وان لم يحدد المسلمين على وجه الخصوص. واتكهن ان يصبح من الصعب على العرب والمسلمين ان يتدرجوا في المناصب الحكومية والعسكرية الاميركية، وربما في البلدان الغربية الاخرى نتيجة لهذه الواقعة. ان هذا الهجوم قد يلحق اذى كبيرا بين اوساط الجالية الاسلامية في الولايات المتحدة التي تكافح من اجل الاندماج مع مجتمع الدولة المضيفة، خصوصا بعد أحداث 11/9، التي لم يكد الشعب الاميركي ينساها. ففي كل مرة يحدث مثل هذا الهجوم تسعى تلك الجالية، في معظمها، الى استنكار ما حدث والبراءة منه، شعورا منها بأن أصابع الاتهام قد توجه اليها. ولسخرية الاقدار، كان الميجر نضال من بين من دانوا هجمات منهاتن. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
واذا كان لي ان اقترح أمراً فإني أدعو الى مراجعة النظريات المتطرفة التي تمجد الانتحار من اجل القضية، كائنة ما تكون، والتي تقدم تبريرات غير مستندة الى منطق او تأويل صحيح عن قتل الآخرين والاستهانة بحيواتهم. على رجال الدين من الطوائف كافة ان يدينوا عمل الانتحار مهما كان الدافع. ان السماح والدعوة إلى قتل الذات من اجل القضية التي تعد –عرفا– مشروعان قد يؤديان إلى شرعنة كل القضايا الاخرى، ويسبب ضبابية في فهم المشروعية بحد ذاتها، ويخضعها لتفسيرات ذاتية قد تساعد الشخصية المضطربة على التحلل من قواعد الأخلاق الصارمة.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-9721855.post-82350650705554945082009-10-17T00:45:00.004+03:002013-09-20T01:29:22.902+03:00جائزة نوبل لأوباما.. هل يصنع الكلام السلام؟<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
منحت لجنة جائزة نوبل التابعة للاكاديمية السويدية جائزة السلام لهذا العام الى الرئيس الاميركي باراك اوباما، "لجهوده في إحلال السلم العالمي، وخفض مخزون العالم من أسلحة الدمار الشامل"، حسبما جاء في بيان الاكاديمية. يذكر ان اسم الرئيس الاميركي لم يكن مطروحا من بين المرشحين، وان المرشحة الاقرب الى الفوز كانت السيناتورة الكولومبية بيداد كوردوبا، التي عملت على مدى نصف قرن من أجل ايجاد حل بالتفاوض للنزاع الجاري في بلادها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ربما لم يكن الرئيس بحاجة الى هذه الجائزة بالقدر الذي كانت تحتاجه تلك السيناتورة المتعبة. فهو لا يمتلك تاريخا طويلا من النضال، ولم يقدم شيئا ملموسا، فيما عدا الخطب الرنانة، لكي يعد من بين القادة الذين يشار لهم بالبنان، وبالتالي من الذين ينالهم التكريم والتقدير لجهودهم الجبارة.لكن هذا هو عصر اوباما. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
هذا هو الزمن الذي يتخلى فيه الناس عن التفكير المنطقي العقلاني سعيا وراء آمال اقرب الى السراب. لقد جاء الرئيس الى سدة الحكم على انه البديل الوحيد للادارة الاميركية السابقة التي وصفت بانها الاقل شعبية بين مواطنيها. واكتسح منافسيه بسهولة لا تصدق، رغم شعبيتهم الواسعة وخبرتهم السياسية العريضة. جاء بشعار التغيير الذي لا يمكن تصديقه بأي حال. لكن الناخبين صدقوه، وصوتوا له. وكان اول قرار له بعد ان ادى اليمين القانونية اغلاق معسكر غوانتانامو خلال عام. ويبدو انه لم يستشر موظفيه المعنيين بهذا الشأن، او انه تجاهل نصيحتهم. فحتى بعد مرور اكثر من ثمانية اشهر على ذلك القرار، لا يبدو انه سيطبق بسبب الصعوبات اللوجستية والمادية وقضايا حقوق الانسان بشأن المعتقلين المزمع اعادتهم الى بلدانهم. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
حينما يكون المرء في المعارضة، يسهل عليه نقد اداء الحكومة، ولكن حينما يصبح في الحكومة يكتشف ان (التغيير) لا يتم بتوقيع قرار في احتفال مهيب. اما اذا تجاهل مثل هذا السياسي تلك الحقيقة البسيطة، فانه قد يحصل على جائزة نوبل تقديرا لجهوده في جرّ القلم. نعم، برّ اوباما، حتى الآن، بوعوده الانتخابية بسحب القوات القتالية من العراق. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لكن يجدر التذكر بان هذا الانسحاب يتم بموجب الاتفاقية الامنية مع العراق، والتي ابرمها سلفه جورج دبليو بوش. فهل يُعد هذا انجازا له؟ لدينا مثل عامي في العراق يقول (يجي خلاف ويركب على الاكتاف). لقد كان الانسحاب من العراق امرا لاميحص عنه، سواء تم بسنتين او بثلاث، وما كان لأي احد ان يطيل من عمر الاحتلال، شاء اوباما بذلك ام ابى. وحينما اراد الرئيس اوباما ان يتحدث الى العالم الاسلامي فانه اختار اولا الدولة العلمانية تركيا، ومن ثم مصر، التي يحكمها نظام علماني هي الاخرى. وهو تجنب بذكاء ان يذكر كلمة (ارهاب) ومشتقاتها في خطبه للمسلمين، لكي ينحي جانبا الافكار التي تربط بين الاسلام والارهاب. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بيد اني ارى انه بفعله هذا أكد ان هناك نوعا من الربط، والا لماذا يتجنب وصف فعل ادى الى مقتل الابرياء بالارهاب، رغم ان الغالبية العظمى من المسلمين وصفته بهذا المسمى. ماذا يقول الشهداء في العراق وافغانستان والسعودية ومصر ولبنان والاردن والجزائر واليمن وباكستان والصومال واندونيسيا والفلبين والهند، وبلدان اخرى كثيرة، عن وقوعهم ضحية لهجمات مسلحة تحت اسم (الجهاد)؟ ماذا نقول لعوائل ضحايا هجمات منهاتن ومدريد ولندن؟ هل كان المنفذون اناسا عاديين، ام انهم ببساطة ارهابيون عاثوا في الارض فسادا، وجلبوا لاهلهم وبلدانهم حروبا ومآسي اكثر مما خدموا قضيتهم، ان كانوا يعملون على قضية ما؟ ان حقيقة كون هؤلاء الارهابيين مسلمين لا تعني ان المسلمين كلهم ارهابيون. لكن ماذا يحصل ان تجاوزت هذه الحقيقة؟ ربما تحصل على جائزة نوبل للسلام.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
بل انك قد تحصل على الجائزة وان كنت تعمل على رفع المجهود الحربي في بلد تحتله. كتبت كبريات الصحف الاميركية واصفة الحرب في افغانستان بانها (حرب اوباما). ومن سخرية الاقدار ان الحرب في العراق وصفت من قبل بـ(حرب بوش). فما المبرر في زيادة القوات؟ انه القضاء على الارهاب. ان كان ذلك حقا، فأين هو مصطلح الارهاب في قاموس اوباما؟</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
ومن نافلة القول ان جهود نزع التسلح والحد من الاسلحة النووية لم تأت من بنات أفكار اوباما، بل انها سياسة متعبة منذ السبيعينيات. وهي ليست وليدة رغبة الولايات المتحدة في السلام، بل حاجة فرضتها الحرب الباردة التي كانت تهدد بالاشتعال في أي وقت والتحول الى حرب كونية لاهبة قد تقود الى فناء الجنس البشري، وربما كل اشكال الحياة على الارض. كيف إذاً يكون هذا هو احد مبررات الاكاديمية السويدية لمنح الجائزة لمرشح اللحظة الاخيرة؟ بان يكون هذا المرشح هو باراك اوباما.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
غير انه من الانصاف القول بان اللجنة قالت ايضا في بيانها: "قليلون هم من حازوا انتباه العالم مثلما فعل أوباما، لقد أعطى العالم أملاً بالتغيير والمستقبل الأفضل.. ودبلوماسيته قامت على مبدأ أن من يقود العالم عليه أن يكون مثالا يُحتذى في القيم والمبادئ." واتفق مع هذا القول تماما، الا اني لا ارى ان في ذلك سببا كافيا لتقديمه على كل المرشحين الآخرين، الذي عملوا بجد على مدى عقود من الزمن من اجل تحقيق هذه المبادئ.ان عمر الرئيس اوباما في المنصب لايزال صغيرا، ولا يصلح الحكم على ادائه في تلك الفترة القصيرة، لا سلبا ولا ايجابا. ومن الواضح ان لجنة منح جائزة نوبل وقعت تحت تأثير شخصيته الكارزمية الطاغية، التي سحرت الولايات المتحدة والغرب عموما، ومن ثم بدأت في الانتشار في شتى انحاء المعمورة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
فما هو السر في هذه الشعبية التي قلّ نظيرها في التاريخ؟ انها الماكنة الدعائية الاميركية. تلك البروباغاندا التي روجت ضد النازنية ومن بعدها الشيوعية وصولا الى الحرب على الارهاب، تروج اليوم لرئيسها وتهلل له. لقد ادركت الولايات المتحدة، ربما عن غير وعي، ان عصرها أشرف على الزوال بعد كل تلك الحروب والازمات، بغض النظر عن المسببات والنتائج، فكان التحرك بالاتجاه المعاكس. كما ان تغيير الادارة ليس مهما بقدر تغيير الشخصية. لقد ارادت اميركا ان تثبت للعالم انها امة ريادية حتى مع تعرضها الى ازمات سياسية واقتصادية خانقة. وكان الخروج من النفق من خلال شعار التغيير: تغيير العرق اولا، ومن ثم تغيير اللهجة الخطابية، واخيرا تغيير الثوابت السابقة. فهل ستتمكن الولايات المتحدة الاميركية من تحقيق هذا التغيير المنشود؟ ربما، ولكن يجب على الاخرين ان يتغيروا ايضا. فما الفائدة من مد اليد الى ايران –مثلا– اذا كانت تسعى الى امتلاك اسلحة نووية قد تشعل سباقا للتسلح النووي في المنطقة لا تحمد عقباه، واذا كانت تعامل شعبها بالنار والحديد؟ ومن المفارقة ان الاميركيين انتقدوا اداء اوباما الضعيف اثناء الانتفاضة الايرانية، وطالبوه ان يظهر "قليلا من قوة بوش." ونحن نعلم ان مثل هذا التغيير في الانظمة الديكتاتورية ليس بالامر الهين، ان لم نقل انه مستحيل عمليا.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لقد جاء منح جائزة نوبل للسلام الى الرئيس اوباما متعجلا، وكان على اللجنة ان تتريث عاما او اثنين قبل ان تقرر صلاحيته لنيل تلك الجائزة ذات الصبغة العالمية. وان كان القصد من منح الجائزة وضع اوباما امام مسؤولية تحويل الاقوال الى افعال، فتلك مقامرة غير محسوبة. فان استطاع الرئيس اوباما ان يحدث تغييرا، فلن يكون الا ذلك بجهد اناس آخرين. وان لم يستطع فعل الكثير، فان سمعة جائزة نوبل ومصداقيتها سوف تكون على المحك.</div>
</div>
Alaa Ghazalahttp://www.blogger.com/profile/03110100095707451579noreply@blogger.com